غاليليو ضحية الجهل البابوي .

2021/02/04

لم توقف الكنيسة حربها على العلم والمسيحية الحقة منذ ان رحل يسوع وإلى هذا اليوم ، الكنيسة ومن اكبر رأس فيها تقف ضد العلم وتُروّج للخرافات وتُشجع على كل ما من شأنه ان يُعزز حالة الجهل والانحراف لدى الناس وإلى هذا اليوم لأن هذا من شأنه ان يجعل الناس اطوع للكنيسة وجذبهم بشتى المغريات لاعتناق المسيحية مما يدر ارباحا مالية كبيرة،يتم انفاقها على ملذات الطبقة العليا من كرادلة وبابوات وغيرهم في منتجعات وقصور فارهة تقع في افضل مناطق العالم اضافة إلى الملابس الموشاة بالذهب والجواهر والكراسي العاجية الذهبية ناهيك عن الأحذية المقدسة التي تُطرّز بالحرير والابريسم وخيوط الذهب مع افخر انواع الجلود الناعمة التي ترتديها ارجل قداسة البابا نائب الرب في الأرض.

فلا يتم تعيين قسيس إلا على أساس الربح المادي الذي سوف يُقدمه . فالعشور ورسوم الجنائز والعمادة وعقود الزواج وخداع المحتضرين لتسجل ممتلكاتهم بإسم الكنيسة ، لكي يمنحهم البابا الغفران الكامل ويهبهم قطعة من أرض الجنة وغيرها من مراسيم تدر ارباحا هائلة على الكنيسة وكلها تصب في صالح القداسة العليا للبابا لدفع التكاليف الباهضة لأقامته في منتجعات فردوسية مع جيش من الكرادلة الذين اوصلوه إلى سِدة البابوية.ولا أحد يدري ماذا يجري في هذه المنتجعات لا بل لا أحد يجرأ على السؤال.
كل هذه المغريات يقف بوجهها العلم الذي يُثبت للناس أن (قداسة البابا) شخص عادي لا نفع فيه للناس ولربما ضرره اكثر من نفعه ، العلم الذي كشف زيف الافكار التي هيمنت على الكنيسة طيلة قرون ، هذا العلم تعرض إلى سهام الحقد من قبل البابا وحاشيته فأمعنوا في طبقة العلماء قتلا وحرقا وسجنا ولا ذنب لهم إلا لكونهم قالوا بكروية الأرض او أن في الانسان دورة دموية وان القلب يقع في وسط الصدر. وليس بين الفخذين كما تزعم الكنيسة.

تجاوز حقد البابوية حدود المعقول حيث تابعوا الأموات في قبورهم فقاموا بنبشها وجلد رفاتها بالسياط واحراق ما تبقى من العظام . واليوم بين أيدينا صفحات غير منشورة من حياة غاليليو غاليلي فبينما كنت ادرس حياة وسيرة البابا (أوربان الثامن) بابا روما الذي تم تنصيبه سنة (1623) وجدت أن هذا البابا كان صديقا للعالم الفلكي (غاليليو) فتركت البحث في سيرة هذا البابا واتجهت للبحث في خفايا عالم الفلك وهل انتفع غاليليو من صداقته بهذا البابا؟ خصوصا وان تلك الفترة كانت فترة مظلمة تقودها الكنيسة ضد العلماء.
ولد غاليليو سنة 1564 في إيطاليا لم يخترع غاليليوالتلسكوب كما يُشاع ، بل أن غاليليو عمل على تطوير هذا الجهاز وتحسين ادائه. وقع غاليليو ضحية الكنيسة فتم استدعاه مرتين للمثول أمام محكمة التفتيش الكاثوليكية (قسم العقائد والأراء المخالفة للكنيسة) والسبب هو آراء غاليليو في علم الفلك . فقد بدأت العلماء في الفترة بين القرنين (الرابع عشر والسادس عشر) يكتشفون أن تعاليم الكنيسة تتعارض بشكل مريع مع ما يرونه في علم الفلك. فالكنيسة مثلا كان ترى أن الكواكب والنجوم هي التي تدور حول الأرض وان الأرض ثابتة لا حراك فيها. وكانت الكنيسة الكاثوليكية تعتبر هذا التعليم جزءا لا يتجزأ من عقيدتها. السبب الذي دفع الكنيسة إلى تبني هذا الرأي هو قولها بأن يسوع عندما ولد كان ثابتا في محله في الفندق بينما كان النجم هو الذي يدور حول الأرض باحثا عنه وهذا النجم هو الذي ارشد المجوس لمكان يسوع فلو كانت الأرض تدور أيضا لما استطاع النجم ان يعثر على يسوع . (مسخرة وضحك على ذقون الناس).

اكتشف غاليليو من خلال مراقبته للشمس ان البقع الشمسية تختفي وتظهر مرة أخرى فأدرك أن الشمس تدور حول محورها أيضا هذا الاكتشاف وفّر للبشرية رؤية مغايرة لما تراه الكنيسة ، ولكن هذا الاكتشاف وضع غاليليو في مواجهة الكنيسة الكاثوليكية العظمى.
قبل عدة عقود من زمن غاليليو طوّر عالم الفلك البولندي (نيقولاوس كوبرنيكوس) نظرية دوارن الأرض حول الشمس ثم جاء غاليليو فدرس ابحاثه عن حركة الأجرام السماوية فاضاف أدلة أخرى تُعزز من نظرية كوبرنيكوس ولكنه احجم عن نشر افكاره واكتشافه خوفا من الكنيسة وبقى لفترة طويلة لا يقوى على نشر افكاره ولكنه في النهاية وامام قوة الأدلة نشر افكاره ، وبسرعة خارقة اصبح غاليليو هدفا للكنيسة وأعتبرت حججه استفزازا للكنيسة فشن رجال الدين حملة شرسة عليه مطالبين بسجنه والتحقيق معه. ثم قامت الكنيسة بإصدار مرسوم جديد يُحرِّم أفكار كوبرنيكوس ثم طلبوا من غاليليو ان يّذعن لهذا المرسوم وينفي اكتشافات كوبرنيكوس وهكذا امتنع غاليليو عن نشر افكاره .

في سنة (1623) عُيّن صديق غاليليو (أوربان الثامن) بابا لروما فأصبح صديقه زعيم الكنيسة الكاثوليكية بلا منازع فتفائل غاليليو خيرا وذهب إلى صديقه مهنئا خصوصا وان علاقة غاليليو بصديقه البابا الجديد لم تكن علاقة عادية فقد كانت علاقة مميزة جدا منذ زمن الدراسة حيث كان أوربان معجبا جدا بآراء غاليليو .

فهل انتفع غاليليو من صديقه البابا الجديد؟؟
تقدم غاليليو إلى صديقه البابا الجديد بطلب الغاء مرسوم محاكمة كوبرنيكوس خصوصا وان البابا قبل تعيينه كان معجبا بنظريات كوبرنيكوس ولكن غاليليو تفاجأ من تصلب موقف صديقه الذي طلب من غاليليو طلبا غريبا وهو أن يقوم غاليليو بتفسير نظريتي كورنيكوس وارسطو المتناقضتين تفسيرا يتماشا وآراء الكنيسة، وهي محاولة من البابا للإيقاع بصديقه غاليليو.

قام غاليليو بدراسة نظرية كوبرنيكوس التي تُعارض النظرية الفلسفية لأرسطو دراسة معمقة واصدر كتابه المشهور (حوار الأنظمة الكبرى في الكون) والذي تعمد أن ينشره بالإيطالية حيث دعم أفكار كوبرنيكوس وأيدها بحماسة ناقضا النضريات الفسلفية لأرسطو حول الكون. ثارت ثائرة البابا واتهم غاليليو بأنه يزدري آرائه فاتهمه بالهرطقة وتحت وطأة التعذيب أُجبر غاليليو على التبري من أفكار كوبرنيكوس ، ثم حكمت عليه محكمة التفتيش الرومانية سنة (1633) بالاقامة الجبرية المؤبدة ومنعت نشر افكاره وطباعة مؤلفاته وفي سنة (1642) توفي غاليليو غاليلي منسيا في بيته في أرتشتري قرب فلورنسا.
وهكذا بقيت كتب غاليليو مئآت السنين محرّمة بأمر صديقه وصديق طفولته وزميل دراسته البابا (أوربان الثامن). وحتى سنة (1979) كانت الكنيسة تتناقش فيما بينها حول ما كتبه غاليليو وهل يجوز رفع الحضر البابوي عنه واستمر هذا الجدال طيلة ثلاثمائة سنة إلى أن اعترف البابا يوحنا بولس الثاني سنة (1992) بأن الكنيسة الكاثوليكية أخطأت في ادانة غاليليو. وهذا يعني أن الكنيسة لم تتطور ولم تتغير حتى هذا اليوم فهي لا تزال كما هي في محاربتها للعلم وترويجها للخرافات فلم نر يوما أن البابا قام بتكريم العلماء او زيارة المستشفيات والمصانع او دعم وشجع العلماء ، ولكننا نراه يُغطي تكاليف الاغتصابات التي يقوم بها القساوسة والتي تبلغ بالمليارات من الدولارات ونراه يُحارب تحديد النسل لأنه يُقلل من عدد اتباع الكنيسة ولا ترى في متحف الفاتيكان اي انجاز علمي غير عرضه لبعض ريش جبرائيل وحذاء يسوع وكفنه واصبع بطرس ولازالت الكنيسة إلى هذا اليوم تضع انفس الجواهر الثمينة النادرة على الجماجم المتعفنة للبابوات والقديسين الموتى وهم من افسق الفساق الجهلة أعداء العلم والدين.
أخترنا لك
الشيطان . هل هو قبيح بأعماله أم بشكله

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف