العري في المسيحية ، يسوع المسيح نموذجا

2021/02/04

لفترة طويلة ومنذ ان بدات عينان تدركان الصور امامها وانا افكر في امرٍ حيرني وهو لماذا ترسم المسيحية كل صور يسوع من الطفولة وإلى الصلب (عاريا). 

فلسفيا دينيا اجتماعيا لم اجد جواب على ذلك. فإذا كان لكل شيء سببا ، فأنا لم اعثر على سبب معين يدفع الكنائس إلى تبني يسوع المجرد من الملابس. ولربما الصدفة وحدها التي وضعت بعض اجوبة الآباء البائسة بين يدي. 

وهذه احداها.

كثيرة هي الصور التي رسمها الرسامون يبدو فيها يسوع محتشما مرتديا ملابس متواضعة من الكتّان الأبيض، ولكنها تستره وتجعلهُ يبدو جذّابا، فعمدت الكنيسة إلى رفضها وامرت ان تُرسم كل صور يسوع عاريا مجردا من الملابس منذ طفولته إلى كهولته ، إلا تلك الصور التي اصرّ فيها الرسامون أن يرسموا بعضها ليسوع وهو يرتدي ملابس واما على الصليب فقد وضعوا على بعض تماثيله (محرمة) قطعة قماش ستروا بها عورته. ففي البلاد الاسلامية حيث يكون المسيحييون هناك فهم لا يجرؤون على وضع تمثال يسوع عاريا إما مراعاة لوضع المسلمين او خوفا من ثورتهم واعتراضهم. لأن الأنبياء عند المسلمين لهم مكانة خاصة حيث يُحيطونهم بهالة من التقديس والاحترام. بعكسنا نحن في المسيحية حيث ننسب كل هابطة للانبياء. 

دار حديث يوما بين اثنين من القساوسة حول ولادة يسوع وكيف ان يسوع تحمل تلك البرودة القاسية في بيت لحم والتي تبلغ (10) تحت الصفر وهو يرقد عاريا في مذود صغير من القش ؟

سمعتهم وهم يُحاولون اقناع انفسهم بأن ذلك كان معجزة لأن يسوع هو الرب وهو الذي يتصرف بالحرارة والبرودة ، تفسير مضحك.

فقلت لأحدهم : هل يوجد تفسير لظاهرة يسوع عاريا ؟

قال هذا هو الاب سمير قادم فلنسأله فهو رجلٌ ضليع فاهم كتب الكثير من التفاسير. 

قالوا له : لماذا تبدوا صورة يسوع عاريا منذ الطفولة وحتى الصلب؟

فقال : وهل العري أو التعري عيب ؟ الم تقرأي ما يقوله الكتاب المقدس في سفر التكوين 2: 25 ((وكانا كلاهما عريانين، آدم وامرأته، وهما لا يخجلان)). فلماذا نخجل من العري . هل الرب الله يرتدي ملابس ؟ الرب أيضا في السماء عاري ، وهذا نوح النبي ايضا كما يقول في سفر التكوين 9: 21 ((وابتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما. وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه)).

وكذلك الوحي في بعض الاحيان لا ينزل على النبي حتى يكون عريانا الم تقرأي في سفر صموئيل الأول 19: 24 ((فخلع هو أيضا ثيابه وتنبأ هو أيضا أمام صموئيل، وانطرح عريانا ذلك النهار كله وكل الليل)).

ثم سكت قليلا وقال : الذي لا نُريد قوله هو أننا نرسم اكثر لوحات يسوع عاريا لسبب وجيه . وهو أن بعض أعداء المسيح يتصورون ان سبب تسمية المسيح بهذا الاسم ذلك كونه بلا عورة . وأن عدم زواج يسوع بسبب كونه (ممسوح) اي لا توجد عنده عورة مثل الرجال ولذلك اقتضت الضرورة ان نرسم يسوع عاريا حتى يرى اولئك المشككون عورته فتبطل دعاواهم.

لا ادري بماذا اجيب هذا الاخرق ؟ الذي كتب تفاسير كثيرة حسب زعمه.

فقلت له ولكن الكتاب المقدس يعتبر العري نوع من العقوبات المخزية في الدنيا. 

قال أين ذلك ؟ 

قلت له في سفر التثنية 28: 48 ((تستعبد لأعدائك الذين يرسلهم الرب عليك في جوع وعطش وعري وعوز كل شيء. فيجعل نير حديد على عنقك حتى يهلكك)). فجعل الرب العري احد عقوباته. فكيف يخلع الرب ملابسه ويُخزي نفسه. ألا تعلم أن الكتاب المقدس يحتقر من يكشف عورته فضرب لنا مثلا بذلك في سفر مراثي إرميا 1: 8 فقال : ((كل مكرميها يحتقرونها لأنهم رأوا عورتها)).

قال وبكل بساطة هو ربٌ وهو أعلم بشأنه.

قلت له : هل تدري يا غبطة القس، ان كل نوادي العراة المنتشرة في العالم نبعت من المسيحية حيث ان كل كتاب يوحي إلى المؤمنين به شكل الثقافة التي سوف يُخرجونها للناس ؟ ألا ترى أن كل نوادي العراة لا تضع صورة مريم المحجبة المستورة ، بل يضعون تمثال يسوع وصوره وهو عار فيجعلوها ذريعة لممارستهم العري بأبشع صوره. 

ثم هل سمعت بمشروع (جنة عدن) مدينة العراة منتجع للعراة يقام بولاية فلوريدا الأمريكية، باحدى ضواحي مدينة تامبا حيث سيضم المشروع 300 منزل وكنيسة وحديقة مائية وكل الحياة في هذا المنتجع او (الجنّة) ستكون خالية من الملابس. ولتبرير ذلك يقول ديفيد بلود، المدير التنفيذي للمشروع : إن الانجيل كان واضحا، فآدم وحواء كانا عاريين قبل ارتكاب المعصية وهذا أمر متفق عليه في المسيحية. (1)

قال لم افهم سؤالك ؟

قلت له : سوف اقرّب لك السؤال أكثر . هل تستطيع ان تخبرني بالسبب الذي تصوّر المسيحية يسوع عاريا منذ طفولته وحتى شبابه وكهولته؟ حتى وهو على الصليب فإنه عار من الملابس (مصلّخ). هل تستطيع ان تُجيبني على هذا السؤال ؟ 

قال : لقد قالوا لي احذر هذه البنت فإن اسئلتها غريبة وانا الأن اعتقد انك هرطوقية. 

قلت له : يا قداسة الأب لو سألني الناس بحكم كوني راهبة سابقة ولاهوتية حاليا عن سر رسم صور يسوع كلها عاريا من دون ملابس فبماذا اجيبهم؟ على ألسنة الناس اسئلة كثيرة حائرة منذ قرون لم تُجيبوا عنها فهل هذا انصاف؟ 

هل قرأت الكتاب المقدس ونظرت كيف يذكر أن يوحنا الذي كان معاصرا ليسوع كان يرتدي ملابس محتشمة كما يقول في إنجيل متى 3: 4 ((ويوحنا هذا كان لباسه من وبر الإبل، وعلى حقويه منطقة من جلد)).

وفي إنجيل متى 28: 3 يقول حتى الملائكة كانوا يلبسون ثيابا : ((ملاك الرب نزل من السماء وكان منظره كالبرق، ولباسه أبيض كالثلج)).

فلم يجب. 

وهكذا تتالت الأسئلة مني عن سر تصوير يسوع المسيح عاريا فلم اجد اجابة من اي احدٌ منهم إلا أب واحد رغب أن (يتشيطر معي) فقال : يسوع هنا في صورته عاريا هو مثال الرب العاري لأن الرب لا يرتدي ملابس بل هو يتسربل بالنور . اضافة إلى ان يسوع يرسل لنا رسالة هنا مفادها أنه كما يدخل الانسان إلى الدنيا عاريا سوف يخرج منها عاريا ويُحشر عاريا.

فقلت له : يعني لا يستطيع يسوع ان يخبرنا بذلك بلسانه فأخبرنا بعورته ورمي طيلسانه.

1- المصدر بي بي سي العربي وغيرها من الصحف . http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/world_news/newsid_3379000/3379967.stm

أخترنا لك
اجابة على سؤال : ربٌ يضحك ويتألم ويبكي ويندم وله اعضاء بشرية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف