اشتهر الاب طومار بطرس بين المسيحيين بأنه يعطي الشفاء للمرضى وقد
جرت على يديه المعجزات ومن هنا فإن البعض يراه قديسا وهو حي . كان
يزور الكنائس فتجتمع الحشود ويتقاتل الناس للوصول إليه ونيل البركة
منه وفي سنة 2006 زار منطقتنا في كنيسة مار إشعيا وهي في الجانب
الايسر من مدينة الموصل ، فتقاطر عليه الناس ونسبة كبيرة منهم تحمل
امراضها معها لتطلب الشفاء ببركة الاب طومار، عرج وعميان ومقعدين
وسرطان وشلل وصرع وجنون.
كانت عمتي تشكو من صداع نصفي اتعبها كثيرا فقررت الذهاب إلى هناك
مرة ثانية ، ونذرت إن هي شفيت على يد الاب طومار سوف تشتري عشر
قناني عرق زحله وتوزعه على المؤمنين في الكنيسة (2)
ذهبتُ معها وكذلك امي وبعض نسوة الجيران ، وهناك حصلنا على مكان
قريب من منصة الشفاء على يسار المذبح ، حل هدوء في باحة الكنيسة بعد
ان اطل الاب طومار بلحيته الاسطورية وبدأ بقراءة نصوص من الكتاب
المقدس ويقوم بحركات غريبة عجيبة اخافت الحشود وارعبت الاطفال وهرب
بعض البنات اليافعات ، ثم صرخ الاب طومار بصوت عالي قائلا : (كلكم
كذابين) رددها اكثر من ثلاث مرات ثم رمى الماء المقدس على الجميع
وقال : فليتقدم المرضى لكي اشفيهم ببركة السر الذي منحني إياه يسوع
فاصطف المرضى وامتد الصف وخرج إلى خارج الكنيسة حيث تجمهر المسلمون
المصالوة ليروا ماذا يجري .
ثم اخذ يمجّ الماء بشفتيه ويبصقه على وجوه المرضى فيملأ وجوههم
بزاقا ، والمرضى في انس لا مثيل له ثم اخذ بعضهم يتقافز لأن الاب
طومار شفاه من العرج او لكونه كان مقعدا فشفي وكانت هذه خطة مدبرة
لكي يُرهبوا المسيحيين حتى لا يخرجوا من المسيحية التي بدأت بالتآكل
حيث اتجه اكثر شبابها إلى الالحاد او الاسلام .
وبعد أن انتهى حفل عمليات الشفاء بالجملة جلس الاب منهكا يستقبل
الهبات المالية وقطع الذهب والخواتم وغيرها من النذورات فامتلأ
الصندوق الذي امامه حتى تساقط بعض الهبات على الأرض .
قامت عمتي وقالت له : يا قداسة الاب انا في السنة الماضية نذرت لك
نذرا ولكني لم اتحسن وهذه السنة أيضا نذرت نذرا فهل تشفيني ، فقال
لها ببركة يسوع سوف تشفين ثم مجّ الماء بشفتيه وبصقه على وجهها
ورأسها فملاهُ بزاقا وعمتي المسكينة مسرورة بهذا الفعل .
وهنا لم اتمالك اعصابي فقلت له : يا قداسة الاب عندي سؤال ممكن تسمح
لي بطرحه ؟
فقال : نعم يا بنتي تفضلي .
فقلت له : كيف تشفي المرضى ؟
فقال : الم تقرأي ما قاله يسوع في الانجيل للتلاميذ : (يخرجون
الشياطين باسمي ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون)). ونحن يا بنيتي
وصلنا إلى مرحلة الايمان والاتحاد بيسوع فافاض علينا هذه الخاصية
كان الناس يستمعون وكأن على روؤسهم الطير.
قلت له ولكنك يا قداسة الاب لم تقرأ الآيات كلها بل اخذت صدر الاية
وعجزها . لأن الايات التي وردت في متى و لوقا تقول : ((ها أنا
أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو، ولا يضركم
شيء يخرجون الشياطين باسمي، ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيات،
وإن شربوا ــ السم ــ شيئا مميتا لا يضرهم، ويضعون أيديهم على
المرضى فيبرأون)). (3) فقاطعني وقال : نعم يا بنيتي هذا هو النص
بكامله وهو السر الكامن فينا.
فقلت له : وهل وصل بكم الايمان يا قداسة الاب انكم تُطبقون كل ما
جاء بهذه الايات فلا يضركم شيء ؟
قال نعم يا بنيتي. وكل ذلك ببركة يسوع .
فقلت له : يا قداسة الاب ، ممكن تشرب ما في هذه القنينة لكي ارى صحة
ذلك فيزداد إيماني وانتذر ليسوع ، ثم مددت يدي إلى حقيبتي واخرجت
منها قنينة عطر صغيرة ومددت يدي للأب .
فقال : ماذا في داخل هذه القنينة ؟ فقلت له : هذا (سم الفئران)
اشتريته قبل مجيئي إلى هنا ولا اعتقد انك تخشى من شربه خصوصا وان
يسوع قال : ((وإن شربوا شيئا مميتا لا يضرهم))، فضجت الناس ما بين
معترض وضاحك ، ومؤيد ورافض . وقبل ان اتم كلامي جاء شخص من مكتب
الكنيسة ونادى على الأب طومار قائلا له : تلفون لجنابكم . ويبدو ان
في الأمر اتفاقا .
فقام الاب وهو ينظر لي بعيون زائغة ، وذهب ليُجيب على التلفون .
وانتظرنا طويلا ولم يحضر الاب ، فسألنا مديرالمكتب عن قداسة الاب
طومار . فقال : لقد ذهب في مهمة استدعوه بها.
ولكن المثير للدهشة ان هذا النص المقدس لم يطبقه ولا مسيحي على طول
مسيرة المسيحية ، وكل ما قيل ويُقال مزاعم لا اساس لها من الصحة فلم
ار مسيحيا يلعب بالافاعي والعقارب السامة او يتناول السم ، ولكني
رأيت ان هناك فئة من المسلمين طبقته بحذافيره وكأن هذا النص يقصدهم
بالذات وهم الدراويش واصحاب الطريقة مثل النقشبندية ، والقادرية ،
والكزنزانية حيث نرى في مساجد الموصل حلقات هؤلاء وهم يضربون
الدرباشة على صوت الدفوف يدورون في رقص محموم كانه الهذيان ،
ويأكلون النار ويلعبون بالعقارب والحيّات ويأكلون الزجاج ويشربون
السموم ولا يتأثرون مع انهم يروون بأن النبي مات متأثرا بالسم الذي
دسته له اليهودية في خيبر ، حتى تسائلت يوما هل هؤلاء الدراويش
مسيحيون يتلبسون بلبوس المسلمين. لأني بحثت في عقائد المسلمين
وتفاسيرهم فلم اجد ان الاسلام اجاز ذلك ولم يذكره اي مصدر سوى مصدر
واحد يقول بأن خالد بن الوليد شرب سما قاتلا ولم يتأثر ولكن الغريب
ان شيخ الإسلام ابن تيمية قال: من السلف الصالح من يأتي بالآيات
دلالة على صحة الاسلام، كما ذكر أن خالد بن الوليد شرب السم القاتل
لما طلب منه آية، ولم يضره. ولكن ابن تيمية في موقع آخر من كتابه
يقول : بأن السم أثّر في رسول الله واخذ يُعادوه إلى مات متأثرا
بالسم.
السؤال الذي يطرح نفسه : هل خالد بن الوليد اكرم على الله من رسوله
، بحيث ان خالدا لا يموت بالسم ولا يتأثر به، ورسول الله يموت
بالسم؟ (4)
المصادر والتوضيحات ــــــــــــــــــــــ
1- هو القس طومار كمال بطرس من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية (عيتو
سُريَيتو تريصث شُبحو)، ومقرها دمشق وهي كنيسة مستقلة. ولها نفوذ
واسع يمتد إلى سوريا ولبنان والعراق والكويت وتركيا والهند وإيران
والجزيرة العربية وأوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية
والوسطى وأستراليا ونيوزيلندا واغلب قساوستها من المشعوذين
المحترفين ولكثرة هؤلاء المشعوذين ناشد الأنبا بيشوى مطران دمياط
وكفر الشيخ وتوابعها الكنيسة بوقف الكهنة المشعوذين الذي يخدعون
الناس وخصوصا النساء.
2- ترى المسيحية ان الخمر من اكبر معاجز يسوع المسيح وهي اولى
معجزاته التي ظهر فيها (مجده) كما نرى ذلك في إنجيل يوحنا 2: 7
((كان عرس في قانا الجليل، وكانت أم يسوع هناك. ودعي أيضا يسوع
وتلاميذه إلى العرس. ولما فرغت الخمر، قالت أم يسوع له: ليس لهم خمر
وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك، حسب تطهير اليهود، يسع كل
واحد مطرين أو ثلاثة. قال لهم يسوع: «املأوا الأجران ماء». فملأوها
إلى فوق. ثم قال لهم: استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكإ. فقدموا.
فلما ذاق رئيس المتكإ الماء المتحول خمرا قال : كل إنسان إنما يضع
الخمر الجيدة أولا، ومتى سكروا فحينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت
الخمر الجيدة إلى الآن!. هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا
الجليل، وأظهر مجده)).
3- إنجيل لوقا 10: 19 و إنجيل مرقس 16: 17.
4- في تاريخ دمشق لابن عساكر قال: لما انصرف خالد بن الوليد من
اليمامة تحصن منه أهل الحيرة في القصر فجعلوا يرمونه بالحجارة ثم
بعثوا إليه عبد المسيح بن عمرو وهو يومئذ ابن خمسين وثلاثمائة سنة،
فأقبل يمشي إلى خالد ومعه (سم ساعة) يقلبه في يده، فقال له خالد:
هاته، فوضعه في يد خالد، فقال: بسم الله وبالله ثم أكله، فتجلته
غشية، وأفاق، فرجع ابن بقيلة إلى قومه، فقال: جئت من عند شيطان أكل
سم ساعة فلم يضره.