الكتب المقدسة هي كلام الله النازل إلى خلقه وهذا الكلام يشمل الحكم
، والانذارات والتحذير فلا لعب عند الرب ابدا وكل ما يُنزله إما حكم
آني او مستقبلي غايته تحذير الامم من فتن ستعصف بهم ثم ترشدهم
النصوص الربانية إلى ماذا يفعلون.
الكتب المقدسة لا تخوض بالتفاصيل عادة ، وليس لها علاقة بالفرعيات ،
ولكنها تتطرق دائما إلى الحوادث الكبرى التي ستكون سببا لحدوث
انحرافات خطيرة في مسيرة أي دين يُنزله الله لخلقه.
علماء التفسير والحكمة والكثير من المفكرين يُحاولون دائما استقراء
النصوص لمعرفة إلى ما تشير هذه النبوءات او التحذيرات فيستخلصون
العبر منها، ويضعوها بين يدي الناس لتحذيرهم من مغبة ما سوف يحصل،
وهذا هو واجب العلماء.
موضوعي لهذا اليوم هو لتحريك العقول التي جمدت على نمط معين من
السلوكيات الخاطئة ولعل اخطرها هو تقديس الاشخاص إلى حد العبادة.
عندنا في المسيحية وصل هذا التقديس حد الكفر فأصبحنا بفضل (الأنبياء
الكذبة) نعبد الاشخاص ونطلق على من هب ودب لقب قديس وهي مرتبة كان
المفروض ان يُفيضها الرب على من يشاء من عباده .ولكن الأباء
المقدسين (جدا) استولوا عليها عن طريق نصوص مزيفة فاصبحوا يهبون
اعتى المجرمين هذا اللقب السامي الرفيع.
وفي الاسلام أيضا رأيت ما يشبه التقليد المسيحي ، حيث عمدت بعض
المذاهب إلى اضفاء طابع القدسية على اشخاص لربما يكونوا من شر الناس
واخبثهم فهذه المذاهب تمنح المراتب المقدسة لكل من يقوم بسلوك معين
يُرضيها وكلما امعن هذا الشخص في الاجرام والقهر للطرف الآخر ارتفعت
مرتبته وأُفردت له مساحة مهمة من تاريخ الاسلام ونقلوا عنه آلاف
الاحاديث والروايات .
تتبعت كل ذلك فوجدت انه لا فرق بين دين وآخر حتى في البوذية
والهندوسية هناك صراع على المناصب والالقاب حتى بين الآلهة فهناك
فئة من البشر خُلقوا من عيني الإلهة ، وهناك فئة أخرى من صدره ،
واخرى من سرّته ، حتى تصل إلى فئة خُلقت من رجليه واظافر قدميه.
لذلك عمدت الكتب السماوية إلى وضع النقاط على الحروف وتكلمت على
المكشوف لان هذه الكتب لا تُجامل احد. وكثيرا ما تمر امامي نصوص
مرعبة لحالات تعذيب مروّع لشخصيات دينية ذات قداسة عالية في قلوب
محبيها وهم غافلون عن حقيقتها او يتغافلون لأن حب الشيء يعمي ويصم .
فمثلما تروي الروايات ان هناك نساء نقيات طاهرات يتزاورن عبر
التاريخ امثال حواء وآسيا بنت مزاحم ويوكابد وأم موسى والشونمية
ورفقة ومريم بنت عمران ، وحنة ، واليصابات وغيرهن حيث حفلت الكتب
المقدسة بذكرهن وانهن بأمر الرب يخرجن للمساعدة ، فإن نفس هذه الكتب
المقدسة ذكرت بأن هناك نساء مجرمات خاطئات أوكلت إليهن مهمة تعذيب
بعض النساء ايضا ومن ديانات أخرى حيث يتخطفنهن ويسومونهن سوء
العذاب.
ولعل اشهر هذه الشخصيات هي امرأة نوح وامرأة لوط الخاطئتان
المشرفتان على عذاب الخاطئات في جحيم الجهنا، كما سيأتي بيان ذلك .
كان يصر على معرفة المزيد خصوصا بعد كتابتي لموضوع حرب صافوراء مع
وصي موسى . فسألني : هل هناك ذكر آخر لصافوراء المسلمين ؟
قلت له اترك الموضوع ، هذا موضوع حساس جدا وفيه اسرار خطيرة لا أريد
ان اتقحم فيه ، لانه معقد وشائك ويتطلب مني مراجعة نصوص كثيرة جدا
وخصوصا النصوص الاصلية .
فقال ارجوك ولو كم سطر اذكري لي هل (عائشة بنت ابي بكر) مذكورة في
الكتاب المقدس؟
قلت له نعم مذكورة وقد ذكرتها في بحث (صافوراء والحرب على وصي
موسى).
قال قرأته كله واذهلني وراجعت النصوص فوجدتها كما ذكرتيها .
قلت له : وماذا تريد بعد ؟
قال : هل هناك ذكر آخر لها ؟
قلت له نعم ما جاء بحقها في سفر زكريا الخامس .
فقال متلهفا. وماذا في سفر زكريا ؟
قلت له؟ ولماذا تصر على معرفة ذلك ؟ قال : هذه قصة طويلة يا سيدة
إيزابيل ولكني اختصرها لك بجملة واحدة : (انا كنت من مذهب سنّي ثم
استبصرت) وارغب في الحصول على المزيد عن هذه الشخصيات التي كنت
اقدسها إلى حد العبادة.
قلت له : نعم أنا قرأت نصا ولعدة مرات ورد في سفر زكريا وهو عبارة
عن كلام وحي مباشر للنبي زكريا وفيه رؤيا مستقبلية لهلاك كثيرين من
اتباع الانبياء ، ومن بين هؤلاء الهالكين من ذكرتهم في بحوثي ولكن
هذا السفر ختم نبوءته بنصٍ عجيب وقف له شعر راسي وانا منذ اشهر
اتأمل في هذا النص وارجع التفاسير واتتبع آثاره في ما وصل إلى يدي
من كتب قديمة وكنت اتساءل عن هذه المرأة التي وضعوها في قدر من نحاس
غطاءه من الرصاص وله ثقل عجيب.
وتعجبت أن يوكل الله القدير امر تعذيب هذه المرأة إلى امرأتين
خاطئتين من نساء الكتاب المقدس هما امرأة لوط وامرأة نوح فحيرني ذنب
هذه المرأة الذي فاق خطيئة زوجتي نوح ولوط .
فبحثت عن هذه المرأة في اليهودية فلم اجدها ، وبحثت في المسيحية فلم
اجدها ولكني وجدتها في الاسلام . نعم هي ولم تكن اخرى غيرها لان
الاوصاف تقول ذلك كما سترى.
فماذا تقول هذه النبوءة عن هذا المرأة ؟
يقول في سفر زكريا : ((رفعت عيني ونظرت وإذا بدرج طائر فقال لي ماذا
ترى : فقلت إني أرى درجا طائرا ، فقال لي : هذه هي اللعنة الخارجة
على وجه كل الأرض. فتدخل بيت السارق وبيت الحالف باسمي زورا، ثم خرج
الملاك الذي كلمني وقال لي : ارفع عينيك وانظر ما هذا في الخارج ،
فقلت ماهو ؟ فقال : هذه هي اللعنة الخارجة على وجه كل الأرض هذه هي
الإيفة الخارجة على المقدس وقال : هذه عينهم في كل الأرض. وإذا
بوزنة رصاص رُفعت. وكانت امرأة جالسة في وسط الإيفة. فقال : هذه هي
الشر . فطرحها إلى وسط الإيفة، وطرح ثقل الرصاص على فمها. ورفعت
عيني ونظرت وإذا امرأتين (2) خرجتا والريح في أجنحتهما ، فرفعتا
الإيفة بين الأرض والسماء. فقلت للملاك الذي كلمني : إلى أين هما
ذاهبتان بالإيفة؟ فقال لي : لتبنيا لها بيتا في أرض شنعار)). (3)
في شرح الكتاب المقدس العهد القديم للقس انطونيوس فكري تفسير سفر
زكريا يقول : الدرج الطائر اي الكتاب المخطوط وهو يعلن القضاء على
الأشرار أي مكتوب فيه خطايا وعقوبات من يتهاون مع الخطية. وهو طائر
أي شهادة على كل من يخالف وصايا الله وليراه كل إنسان. وهو طائر لأن
الشر الذي نرتكبه يصعد أمام الله كرائحة فاسدة وسيحل غضب الله .
هذه المرأة الخاطئة تجلس وسط هذه (الإيفة) ومطبق عليها بالغطاء من
الرصاص وهو ثقيل جدا لكي لا يسمح لهذه المرأة ان تخرج من الآتون
المضطرم الذي هي فيه. وهذا الثقل يُشير إلى الاحكام الثقيلة بسبب
الخطايا، ويتمثل في ضيقات شديدة هنا على الأرض، وعذاب في الجحيم،
وهذا الثقل من الرصاص يهبط بالخاطئ إلى أسفل الجحيم. وأما الامرأتين
فهما (الرذيلتين) ويقصد بهما هنا امرأة نوح وامرأة لوط، لأن كل من
فسر هذا القسم يُشير إليهما على أنهما الرذيلتان.
واما دور هذه المرأة فهو التجسس على زوجها النبي (هذه عينهم في كل
الأرض) فهي تأوي سارقا وحالفا (فتدخل بيتي السارق والحالف بإسمي
زورا) اي تدفنهم في بيت هذا النبي اللذان ينتحلان اسمه زورا اي
يأخذان منصبه او خلافته.
ثم يقول النص : وإذا بأمرأتين خرجتا فرفعتا الايفة من الارض إلى
السماء إلى ارض شنعار لتبنيا لها بيتا هناك ، وشنعار هي منطقة معينة
ذكرت في التوراة, في بلاد الرافدين من العراق شنت فيها هذه المرأة
حربا ضروس على المقدس هناك حيث الهلاك المرّ, الكلمة مشتقة من اللغة
العبرية من شيني ناهاروت اي أرض النهرين أو ملتقى النهرين. وهو
المكان الذي حدثت فيه معركة الجمل بالضبط.
ملاحظة مهمة : لا نعرف السر بالضبط الذي من اجله (( ضرب الله مثلا
للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين
فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار)) التحريم
(10) مهددا بهما امرأتين من نساء المسلمين كانتا ايضا تحت عبد صالح
نبي طاهر ،وهما عائشة وحفصة، ولربما اذا قمنا بجمع نص التوراة مع نص
القرآن تتضح لنا حقيقة مخيفة وهي أن ما قلناه يحتمل نسبة عالية من
الصحة قد تبلغ تسعين بالمائة . لان الرب له مقاصد سامية من وراء
تهديداته . فامرأتي نوح ولوط هلكتا بسبب افعالهما وعدم طاعتهما
لزوجيهما الصالحين، وجعلهما الرب مشرفتين على عذاب الخاطئات ولذلك
نرى أن التوارة قالت بأن امرأتين رذيلتين خرجتا تتسابقان مع الريح
لخطف هذه المرأة القابعة في الإيفة ورميها في آتون الجحيم بعد أن
اغلقتا عليها غطاء الايفة المحمل بوزنة من الرصاص الثقيل. اتمنى
التأمل في ذلك. والخروج بافضل النتائج في هذا التحقيق.
المصادر والتوضيحات ـــ
1- الإيفة : نوع من المكاييل يشبه السلّة أو القفّة مصنوع من النحاس
ولها غطاء من الرصاص الثقيل.
2- امراة نوح وامرأة لوط . حملتاها لتلقياها في آتون الجحيم .
3- سفر زكريا 5 : 1 .