مع فتوى قداسة السيد السيستاني أحكام الكتاب المقدس على المرتد.

2021/01/31

مقدما أقول أن حديث : ( من بدل دينه فاقتلوه) الذي رواه البخاري هذا الحديث كما افهمه كمسيحية ذات عقل منفتح ان هذا الحديث يشمل كل دين لان قائله لم يخبرنا اي دين ، وهذا يعني إذا بدل المسيحية دينه او اليهودي او البوذي او الصابئي ، يجب قتله كذلك لأنه يندرج تحت مفهوم من بدل دينه فاقتلوه.لابل في معناه العام أن المسيحي اذا بدل دينه ودخل الاسلام يجب قتله ايضا. 

 

كم كنت احلم ان أرى الموسوعية تطغى على رجال الدين الذين هم ملاذ الامة ، فلا يتقوقع رجل الدين ضمن حدود دينه بل ينطلق في رحاب العقيدة مبينا الحكم في المسألة من كافة جوانبه، والمسألة سهلة جدا ، وهي ان يقوم رجل الدين المسؤول بتعيين مساعدين متخصيين كلٌ منهم في باب معين ، فهذا يُهيأ له حكم المسالة في اليهودية وذاك يبحثها له في المسيحية وهكذا فتلتقي الديانات في ورقة واحدة تكون امام انظار الجميع ، 

فيرى الناس اين الحقيقة والحق مع من لأن تناول الحكم في معزل عن الاخرين يجعل الحكم غرضا لسهام الحاقدين والمغرضين ممن في قلوبهم مرض او ممن حليت الدنيا في أعينهم فأعمتهم واصمتهم. 

 

قرأت في احد المواقع قتوى قداسة السيد السيستاني حول حكم (الردة) في الإسلام في معرض رده على سؤال احد السائلين . 

 

قرأت الجواب الذي تقطر من جوانبه شآبيب الرحمة والإنسانية ، انها ليست فتوى بل حكما انسانيا جامعا لكل آمال البشر المعقودة على معرفة حكم من (يُبدل دينه).وكأن قداسة السيد ينطق أيضا عن الاديان الأخرى. وهكذا بقية مراجع الدين الاخرين. 

 

فذهبت سريعا إلى الطرف الآخر لأعرف ما حكم المرتد عن دينه، فلم أجد عنده سوى السيف. وحز الرؤوس فاصابني الغثيان والقرف ناهيك عن الاختلاف المريع فيما بينهم ،فعرفت حينها كم تبلغ المسافة بين السماء والأرض . 

 

في محاولتي هذه سوف اجمع حكم الديانات حول من يُبدل دينه (مرتد) . واترك الخيار للقارئ العزيز يهوديا كان او مسيحيا او مسلما 

 

وطبعا اقول مقدما لا علاقة لنا بما يقوله هذا وذاك من آباء مقدسين بل نعود لحكم الكتب المقدسة وماقاله الانبياء وما يفسره الحكماء والعلماء مما يكون له اصل في هذه الكتب. لأن الكثير من رجال الدين اليهودي والمسيحي عطلوا الاحكام او بدلوها مما لا يتماشا ابدا مع ما موجود في كتبهم المقدسة الحالية. 

 

وعلى سبيل المثال فإن التوراة تأمر بقتل المرتد بالسيف ثم رجما بالحجارة ثم حرقا بالنار، ثم يلقي رب الكتاب المقدس في المرتدين الامراض والاوبئة ويُبيدهم ويُدمرهم. 

 

المسيحية ترى على لسان يسوع المسيح ان يقوموا بجمع المرتدين حزما ويحرقوهم بالنار كما سنرى ذلك . ولكن رجال الدين بعد أن رأوا عزوف الناس عن دينهم ، عمدوا إلى الغاء هذه الاحكام وغيرها لكي يُصوروا للناس (سماحة اديانهم وتسامحها) ثم بداوا بالتشنيع على الديانات الاخرى بغية دفع الناس إلى النفور منها والانظمام إليهم ، فاحلوا الخمر واللواط والزنا واباحوا الربا والغوا احكام قتل المرتد فاشاعوا الفوضى الدينية بين الناس. 

 

ففي اليهودية والمسيحية لا يُسأل التارك لدينه ولا يُستتاب ولا يُعتذر له ولا يُفحص امره لربما كان هازلا او عصبيا او مازحا او محتاجا يتظاهر بالارتداد او مكره، بل يتم الحكم عليه حتى لو أشيع عنه ذلك فيتناوله السيف ثم الحجارة ثم النار ولا تنفع التوبة في اسقاط هذا الحكم عنه. 

 

أولا هو سؤال السائل الذي يوجهه للمقدس السيد السيستاني فيقول :من هو المرتد؟ 

الجواب: من خرج عن الاسلام واختار الكفر وهو على قسمين: فطري وملي، والفطري من ولد على اسلام ابويه أو أحدهما واختار الاسلام بعد أن وصل الى حد التمييز ثم كفر، ويقابله الملي. 

ثم حكم السيد المقدس بقتل المرتد ولكن يشترط في ترتيب الاثر على الارتداد البلوغ وكمال العقل والقصد والاختيار، فلو اكره على الارتداد فارتد كان لغواً، وكذا إذا كان غافلاً أو ساهياً، أو هازلاً أو سبق لسانه، أو كان صادراً عن الغضب الذي لا يملك معه نفسه ويخرج به عن الاختيار، أو كان عن جهل بالمعنى، وإذا تاب سقط الحد عنه. 

 

وأما المرأة فلو ارتدت فلا حد عليها .

 

طبعا الطرف المقابل بما انه جاهل بما عنده فسوف يعتبر ذلك قسوة وهمجية ووووووو ولكن في واقع الامر ان قداسة السيد السيستاني انطلق في حكمه ذلك بناءا على حكم الاديان كلها كما سنرى فيما يأتي .ولكن نقول اولا: 

 

لم يدرج الرب في قرآنه المقدس اي حكم لمن يرتد فقال في سورة البقرة آية 217 : ((ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخره واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون)) هذا كل ما موجود في القرآن . القرآن هنا بيّن ان المرتد يموت وليس يُقتل وإن تضمن الموت القتل أيضا : يقول القرآن (فيمُت وهو كافر) ولم يقل : فيُقتل وهو كافر. 

 

وأما حكم (المرتد) عند اليهود في التوراة فإن المرتد يُقتل بالسيف ثم الاجهاز عليه رجما بالحجارة حتى الموت ثم الحرق بالنار. والمشكلة في النص أنه يأمر كل الناس بلا استثناء ان يُساهموا في رضخ المرتد بالحجارة وهذا النص موجو د في سفر التثنية 13 : 6 حيث يقول : (( و اذا اغواك سرا اخوك ابن امك او ابنك او ابنتك او امراة حضنك او صاحبك الذي مثل نفسك قائلا نذهب و نعبد الهة اخرى لم تعرفها انت و لا اباؤك من الهة الشعوب الذين حولك لا تسمع له و لا تشفق عينك عليه و لا ترق له و لا تستره بل قتلا تقتله يدك تكون عليه اولا لقتله ثم ايدي جميع الشعب اخيرا ترجمه بالحجارة حتى يموت لأنه التمس ان يطوحك عن الرب الهك)) .

 

وليس هذا فقط إنما إذا (ارتدت) مدينة كاملة فانظر إلى بشاعة حكمها فيجب حرقها بالنار على سكانها مع بهائمها وحيواناتها واطفالها نسائها وشيوخها . 

 

وهذا النص موجود في الكتاب المقدس تثنية الاصحاح 13 : 13 حيث يقول : ((ان سمعت عن احدى مدنك قائلين نذهب و نعبد الهة اخرى فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف و تحرمها بكل ما فيها مع بهائمها الطفل والشيخ والشيخة والحمير وكل شيء بحد السيف تجمع كل امتعتها الى وسط ساحتها و تحرق بالنار المدينة و كل امتعتها كاملة للرب الهك فتكون تلا الى الابد لا تبنى )).

 

أعوذ بالرب اقشعر جسمي ، ما هذا ، من المؤسف أن هذا موجود في كتابنا المقدس حكم لا يوجد اقسى منه حتى في كتب القصص الخيالية أن تضرب مدينة كاملة بالسيف بما فيها حتى البهائم والاطفال ثم تُحرق بالنار كل امتعتها حتى تكون تلا لا تُبنى ابدا . 

فلا توبة ولا استتابه ولا دفع الحد بالشبهات . ثم يأتيك متنطع يعيب على الآخرين بعض فتاواهم التي هي وسيلة من وسائل حفظ الدين بطريقة لا يشعر معها الانسان بالقرف والغثيان .

 

والسؤال هو : اذا كان النساء والرجال ارتدوا فما ذنب الحيوانات والاطفال والامتعة والابنية لكي تّبح بالسيف وتُدمر وتُحرق بالنار ؟؟ 

 

ثانيا : يقول السيد المقدس السيستاني في معرض الحكم على المرتد : (وتبين منه زوجته بمجرد ارتداده وينفسخ نكاحها بغير طلاق، ثم تتزوج ان شاءت، وتُقسّم امواله التي كانت له حين ارتداده بين ورثته بعد اداء ديونه). 

 

وبأختصار اقول : أن هذا هو حكم كل الكتب المقدسة التي انزلها الله ففي الكتاب المقدس يقول في سفر إرميا 8: 4 ((أرتد هذا الشعب ارتدادا دائما ؟ أبوا أن يرجعوا لذلك أعُطي نساءهم لأخرين، وحقولهم لمالكين)). 

 

إذن ان حكم قداسة السيد هنا لا يخرج عما تنزله الرب في كتبه من احكام بحق المرتدين ، لا بل ان الرب نفسه يُدمر المرتدين في الدنيا قبل الآخرة كما نقرأ في سفر يشوع بن سيراخ 10: 14 (( أولُ كبرياء الإنسان ارتدادهُ عن الرب، إذ يرجعُ قلبه عن صانعه. فالكبرياء أول الخطاء ، ومن رسخت فيه فاض أرجاسا، ولذلك أنزل الرب بأصحابها نوازل غريبة، ودمرهم عن آخرهم )). 

 

الموضوع يستحق ان يكون رسالة تتناول موضوع (الارتداد) من كل جوانبه ، لأن كل من تناول البحث في هذا الموضوع اساء كثيرا للاسلام على انه دين قامع للحريات. 

 

وكم جميل هو القول المأثور : إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجر

أخترنا لك
(( إن اضطجع اثنان يكون لهما دفء، أما الواحد فكيف يدفأ؟)). (1) الشذوذ والوثنية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف