سؤال طالما طرحه علي الكثير من الاصدقاء المسلمين،ويطلبون الاجابة
عليه من الكتاب المقدس واحكام الفقه المسيحي، وكنت اتردد في الاجابة
عليه .
فكثيرا ما يقول لي البعض بما انك مسيحية ومتخصصة في شؤون الديانات
فلابد عندك جواب ينطلق من الكتب المقدسة حول الحكم (باهدار دم بعض
المسيحيين ممن يُسيئ للقرآن او الرسول محمد عليه الرحمات) ، ويقول
هؤلاء الاصدقاء أن علماء المسلمين حرموا حرق الانجيل كرد فعل على
قيام بعض القساوسة بمحاولة احراق القرآن او اصدار افلام مسيئة
لنبيهم .
أنا من ناحيتي عودت الاصدقاء ان اقول الحق الذي اجده ، وسوف اعكس
السؤال واقول : ماهو حكم من يُجدّف على الإلهة او اي مقدس آخر في
الديانات؟ .
لعل البعض يستغرب إذا قلت له : بأن الوصايا في الكنائس والتي يعمل
بها الاباء هي أن تقوم الكنيسة بإخفاء حقيقة الكثير من الاحكام التي
تتعلق بإهانة المقدسات لأي أمة من الامم ، إلى أن وصل الامر أن يقوم
البابا شخصيا كأعلى سلطة دينية يقوم بانكار كل ضروريات الدين
المسيحي جهارا ، حيث انكر الجنة والنار وطعن في الكتب المقدسة وانكر
اصله الذي اوجده (آدم وحواء).
ومن هنا يعمد الكثير من علماء المسيحية وقساوستهم إلى الطعن في
ثوابت الاديان الاخرى ليدفعوا اتباعها إلى التصرف بعنف فيستثمروا
ذلك من أجل اساءت إلى تلك الاديان واتباعها ووصفهم بالهمجية
والتخلف.
ولكن لنأت ونرى من هو المتخلف الهمجي وماهو حكم من سب مقدسا او
ثابتا من ثوابت الدين على ضوء الكتاب المقدس؟
أولا اليهود يقتلون كل من يسب منهم رمزا ولأتفه الاسباب ولذلك عمدوا
إلى اصدار امر قتل يسوع لانه في نظرهم (جدّف) على الله حيث زعم انه
ابنه. كما نرى ذلك واضحا في إنجيل متى 26: 65 (( فمزق رئيس الكهنة
ثيابه قائلا: قد جدّفَ! ما حاجتنا بعد إلى شهود: ها قد سمعتهم
تجديفه)).
فبيّن يسوع نوع التجديف الذي رموه به فقال كما في إنجيل يوحنا 10:
36 ((أتقولون أنك تُجدّفُ ، لأني قلت: إني ابنُ الله؟)).
فقد اعتبر اليهود ان مجرد قول يسوع انه ابن الله جريمة تجديف يستحق
عليها القتل حسب حكم التوارة.ولكن لفرط عجلتهم في محاولة التخلص من
يسوع المسيح نسوا انهم أيضا بقولهم : (نحن ابناء الله) يستحقون حكم
التوراة بأن يُقتلوا جميعا.
ومن هذا المنطلق فإن جميع الشعوب يخافون من اليهود لأنهم يقتلون كل
من يمس رمزا من رموزهم وانتقل ذلك حتى إلى عامة اليهود عندهم حيث
اعتبروا انهم من المقدسين الذين لا يجوز المساس باي يهودي وأن دماء
اليهودي الزرقاء سماوية مقدسة.
بناءا على ذلك سألت يوما احد الاباء المقدسين عن حكم المساس بالرموز
المقدسة المسيحية هل هي ايضا تتشدد بالحكم مثل اليهود . فقال لي
ولماذا تسألين ؟
قلت له : لأن الكثير من الأفلام المسيئة ليسوع المسيح تُعرض في
السينمات او على شاشات التلفزيون وفي الانترنت فلا نرى ردا على
ذلك.
فقال: اسمعي ما يقوله يسوع بحق من يُسيء كما في إنجيل مرقس 3: 29 :
(( من جدّفَ على الروح القُدس فليس له مغفرةٌ إلى الأبد)). فالذي
يُجدّف على الملائكة ليس له إلا نار جهنم ولا تنفع معه شفاعة
الشافعين.فكيف إذا جدّف على الرب؟
فقلت له ولكن سؤالي هو عن الحكم الذي يستحقه من يسب الله او كتابه
او نبيه ؟
فقال راجعي الكتاب المقدس!
وفعلا فإني راجعت الكتاب المقدس فوجدت أن كل الديانات وضعت احكاما
لصيانة الثوابت المقدسة في كل دين ومن هنا فإن مصير من يفعل ذلك ان
تُغيبه اكوام الحجارة رجما كما في سفر الملوك الأول 21: 13 (( قد
جدفِ نابوت على الله وعلى الملك . فأخرجوه خارج المدينة ورجموهُ
بحجارة فمات)).
ففي هذا الحكم ـــ الغريب حقا ــ ليس فقط من يُجدّف على الله يُقتل
، لا . فقد اضافوا ايضا ومن يُجدف على الملك يُقتل أيضا.؟؟ ولكني
رايت ان كل النصوص الأخرى تخلوا من حكم سب (الملك) كل النصوص تحكم
فقط على من سب الرب الله او نبيه او كتابه أو الملائكة. ويبدو ان
يدا خفية اضافت كلمة (الملك) ومن هنا فإننا نرى ان كثيرا من الحكام
العرب يُطبقون هذه الفقرة بكل امانة وصدق فهم لا يقتلون من سب الله
او النبي ، بل يقتلون من سب الحاكم أو الملك أو الرئيس كما كنا نشهد
ذلك في العراق من يسب صدام يُعدم ، وفي السعودية من يسب الملك يُقطع
رأسه وفي المغرب وافريقيا .
وهنا يتبادر إلى العقل سؤال : هل ان هؤلاء الرؤساء لهم صلة بالتوراة
اليهودية؟
الله لم يجعل معه شريكا ، لكي تسري عليه نفس احكام شتم الاله فهو
يقول في وصاياه لموسى كما نقرا في سفر اللاويين 24: 11 (( فكلم الرب
موسى قائلا: من جدف على إسم الرب فإنهُ يُقتل. يرجمهُ كل الجماعة
رجما. الغريب كالوطني عندما يُجدف على الإسم يُقتل. كسرُ بكسر ،
وعينُ بعين، وسنُ بسنٍ)).
والمقصود بالغريب هنا اي حتى لو لم يكن من نفس الدين مثلا مسيحيا او
مسلما او وثنيا ، فإن الحكم يسري عليه.
ما أريد ان اقوله على ضوء ما تقدم هو لماذا اخفى الممثل الالماني
المسرحي (فريدريك هشهايدر) رأس موسى ولم يعرضه ضمن رؤوس الانبياء
الأربعة ؟
ففي مسارح المانيا تم عرض مسرحية (قطع رؤوس الاشرار) الذين اعتبرتهم
المسرحية رؤوس الشر في العالم عبر تحريض دياناتهم للناس على الشر
والقتل؟
فعلى مسرح رودسهايم ومسرح تاليا في هامبورغ وبرلينر أنسامبل
وكامرشبيلة في ميونيخ ومسارح اخرى في طول المانيا وعرضها وكذلك في
بعض مسارح أوربا تم عرض هذه المسرحية حيث يصرخ فيها الممثل المسرحي
بعالي الصوت (كفى كفى كفى) ثم يُخرج الرؤوس المقطوعة ويضعها امامه
على قطع خشبية حيث وضع امامه ثلاث رؤوس فقط (رأس بوذا الذي يُمثل
البوذية ، وراس محمد يمثل الاسلام ، ورأس عيسى يُمثل
المسيحية)
وقد تفاجأ الجمهور عندما لم يروا راس موسى نبي اليهود بين الرؤوس.
وعندما سأله الصحفيون عن سر ذلك قال : لا أرغب ان تُطاردني المحاكم
الأوربية بتهمة (معاداة السامية).
يعني هل يعقل عاقل ان الممثل المسرحي لم يخشى أربعة مليارات من
المؤمنين (بمحمد وبوذا وعيسى) ، ويخشى شرذمة قليلة لا يتجاوز عدد
افرادها في اوربا اربعة ملايين ؟؟
فأجبت على سؤال الاخوة أنه على ضوء ذلك يحق اللمسلمين ان يهدروا دم
من ينتهك ثابتا دينيا من ثوابتهم وهم بذلك يُطبقون الحكم الذي اجمعت
عليه الكتب المقدسة من دون استثناء.
اترككم مع الصورة التي نشرتها الصحف فهي ابلغ بالكلام مني.