الحسين في أحاديث الشباب.أقوى من كل المغريات

2021/01/21

في بداية محرم من كل عام اقوم بالتنكر واحشر نفسي مع النساء لاجلس صامتة في زاوية المساجد او الحسينيات لاستمع فقط من دون أن اشارك، فتحت تأثير سنوات طويلة من الحياة في الجنوب يراودني هذا الحنين كل عام . واليوم وانا اتهيأ لجولتي التنكرية وبينما كنت اهم بالخروج خطف شريط الذكريات من امامي يعرض لي صورة لا تفارق ذهني ابدا. 

واليكم ومضة خاطفة من هذا الفلم .

في احد زياراتي التنكرية التي اقوم بها في ايام المناسبات الدينية عيدا كانت او عزاء زرت يوما مسجد أهل البيت في العاصمة ستوكهولم قبل ان يستولي عليه مجموعة معينة ويهجره الشيعة وخاصة العراقيين الذين اسسوا هذه المؤسسة في بداياتها .. دخلت المسجد من باب النساء وكان يقع ما بين المطعم والممر فوجدت هناك مجموعة من الشباب عزلت نفسها عن باحة المسجد التي تغص بالناس وجلست تتحدث بالقرب من مشجب الملابس زاوية هادئة نسبيا .

احدهم يتكلم وحوالي ستة يستمعون كانوا في عمر الورد ملابسهم مرتبة شعورهم منظمة كان المتحدث على ما بدا من اسلوبه شابا في الخامسة عشرة بسيط جدا لا معلومات لديه ولكنه كان يقول التالي :: (( شنو يعني الحسين يخاف من يزيد ؟ لا ما يخاف . الحسين جان يكدر ايمد ايده من كربلاء إلى الشام ويلزم يزيد من زياكه وينزله من على الكرسي ويلطخه بالكاع ويرفس ابطنه بس الحسين كلبه طيب. يعني الزواج جانوا يكولون الحسين من يبجي ابكربلا يكولون كان خايف .. لا ما خايف بس جان يبجي على هذوله اللي راح يكتلهم لان يطبون النار )) في الحقيقة لقد ابكاني هذا المشهد بشكل اوصلني للهستريا والسبب هو حديث نفسي معي حيث قالت لي نفسي : انظري إلى هذا الشاب بلغ به الحب للحسين انه يريد ان يتكلم بشيء يُعبر من خلاله عن ولائه وحبه للحسين ولكن لا ثقافة لديه ولا معرفة ولكنه يريد ان يتكلم في قلبه حرقة المصاب الذي ورثه من اهله عن الحسين، وفعلا جمع هؤلاء وجلس بالقرب مكان نزع الملابس والعجيب ان الشباب الباقين كانوا سكوتا يستمعون كانهم في مجلس الوائلي وشاهدت احدهم وهو يبكي ويهز رأسه وآخر وضع رأسه بين ركبتيه والآخر يتلفت يمينا وشمالا يُغالب دمعة مكبوتة يخشى من سفحها خجلا ان يراه احد نظرا لصغر سنه.. كفكفت دموعي وغالبت نشيجي ووقفت عليهم فرفعوا رؤسهم الحزينة فقلت لهم اليوم عشاؤكم انا ادفعه واخرجت بضع آلاف كرونة لأعطيهم . فقال شاب صغير يبدو ان عمره ثلاث عشرة سنة .. لا خالة ما يصير اليوم ناكل قيمة الحسين .. وناخذ منها ثواب لأصدقائنا ..

انصرفت كسيرة البال وانا اتصور عظم هذه الثورة وعظم الحسين هذه الثورة التي عجزت كل مغريات الحضارة الغربية ان تثني هؤلاء اليافعين من حضور مأتم الحسين في هذه الأيام مع أن المراقص والديسكوات وصالات الرقص والألعاب بكل مغرياتها تقع على مرمى حجر من هؤلاء الفتية وتصل إلى اسماعهم موسيقاها الصاخبة التي تهز حتى الموتى. 

هل هناك سر لا يعرفه العالم عن هذا الثورة التي أحيطت بالاسرار فكفر بها من كفر وآمن بها من آمن . هل هو صوت تراجيع نداء الاستغاثة الذي اطلقه الحسين في كربلاء فبقيت تردداته على صفحة الزمن (( هل من ناصرٍ ينصرنا)). 

إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى . أيها المتقون للرب، آمنوا به؛ فلا يضيع أجركم ، طوبى للذين آمنوا ولم يروا . 

أخترنا لك
اليهود والمجد الزائف. أمة جبانة.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف