هذا بحث مختصر والكلام في ذلك كثير.
(إِذْ قَالَتِ الْمَلَآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ
يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ
الْمُقَرَّبِينَ) آل عمران 45
لقد اختفت تماما كلمة (عيسى) من الكتاب المقدس فأرجعها القرآن
المقدس إلى مكانها(1) .وأضفى عليها تقديسا يليق بها حيث وصف عيسى
المسيح بأنه كلمة منه وجيها في الدنيا والآخرة. أين هذا الوصف ممن
وصفه بأنه ثور أو خروف؟ .
سؤال أرّق الباحثين كثيرا وهو (ما الفرق بين يسوع وعيسى) ؟
والجواب طبعا يسوع ليس صحيحا، لأن هذا من عمل المترجمين اليهود
الذين خانوا الامانة فأبدلوا اسم عيسى إلى يسوع مكرا منهم لكي
يُشير الاسم إلى جهة وثنية عبدها اليهود.ولو قرأت موضوع (نجمة
رامفان) على صفحتي لرأيت أن لليهود ولعا عجيب في التمسك بعاداتهم
الوثنية إلى هذا اليوم.
لقد ورد اسم يسوع فى الأناجيل اليونانية الحالية ثماني مرات فى
حالة المنادى (يا يسوع) (مرقس 10: 46-47 ، ولوقا 17: 11-13)، كما
وردت عدة مرات فى حالة المضاف إليه مثل قولهم (قدما يسوع) (متى
15: 3)، و(جسد يسوع) (متى 27: 57)، و(ركبتا يسوع) (لوقا 5: و (صدر
يسوع) (يوحنا 13: 23 و 25). فلم ترد في في هذه الترجمات بغير هذا
الاسم ولكنها وردت فى اليونانية الأصلية قبل ترجمتها (يا عيسى) ،
و(جسد عيسى) ولا زالت تلوح في بعض المخطوطات القديمة جدا.وهي
نفسها التي ذكرها القرآن المقدس متجاوزا كل التسميات التي نسبوها
للمسيح زورا وبهتانا.
وعلى ذلك فنطق الكلمة هى (عيسَى) بالفتح وفق اللسان العبرى
والآرامى (لغة عيسى ، أو (عيسو) وفق اللسان العبرى الحالي أيضا.
فهذا هو (عيسى) الاسم الذى عرفه سمعان ويوحنا وباقى التلاميذ
وتداولوه، وهو الاسم الذى تعبد بذكره التلاميذ وتركه الأتباع
وابدلوه إلى يسوع .
أما عن يسوع أو إيسوع أو أشيوع أو أيشوع .. إلى آخر ما جاء من
أسماء اخترعوها للمسيح عبر القرون الماضية فلم ينزل الرب بها من
سلطان وقد ارجع القرآن كلمة عيسى إلى مكانها الصحيح وقال مخاطبا
من حرف الاسم (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا
أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن
سُلْطَانٍ).(2)
ويُعرف اسم عيسى فى المناطق الناطقة باللغة العربية باسم (يسوع)
وهو المدوّن في اناجيلهم، ويعرف اسم عيسى فى الإنجليزية
والألمانية باسم (Jesus ) وهو المتداول حاليا مع اختلاف النطق بين
اللغتين الأخيرتين ، كما يختلف اسمه أيضاً فى الفرنسية.
ولكن مسيحيو العرب لا يعرفون شيئاً عن (جيسس) الإنجليزي ، ولا
يوجد فى أناجيلهم. ولا يعرف مسيحيو أوروبا اسم (يسوع) العربي ولا
يوجد فى أناجيلهم. إذن من أين جاء اسم جيسس . وهذا ما اجبت عليه
أعلاه حيث قلت ان اليهود كانوا مهيمنين على الترجمة وهم يتحملون
مسؤولية التحريف هذا .. فعلى الرغم من أن إنجيل متى قال في بدايته
إنجيل متى 1: 23 ((هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ، ويدعون اسمه
عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا )) .
ولكن الكارثة ان متى هذا ينسى . فعلى مرمى خطوات غيّر النص وقلبه
بشكل يُرثى له فقال كما في إنجيل متى 1: 21 (( فستلد ابنا وتدعو
اسمه يسوع . لأنه يخلص شعبه من خطاياهم )).
لقد فعل متى ذلك بتأثير انتمائه الديني السابق اليهودية ومن أجل
ان يتلاءم النص مع ما جاء في التوراة ، ولكن يبدو ان متى نسى أن
يحذف النص الأول فبان عواره ..لان نص التوراة يتكلم فيه (آحاز) مع
بيت داود ليطلبوا آية من الرب . والكلام ليس له علاقة بعيسى ابدا
لأن وصف التوراة لطفل العذارء انه (ياكل زبدا وعسلا ) . وعيسى
المسكين قضى عمره جائعا ينام طاويا في الصحارى والمغارات لا توجد
له زوجة تُفتنه ولا مال يشغله . يأكل من نباتات البراري حتى انه
عندما اشتد به الجوع ذهب إلى شجرة تين بريّة على الطريق فلم يجد
فيها تينا وكان جائعا (3).فحنق على التينة ودعا عليها فإيبسها في
الحال. فمتى اكل عيسى المسكين زبدا وعسلا ؟ اعطوني نصا واحدا في
الإنجيل يقول بأن عيسى كان يأكل العسل مع الزبد وهي أهم علامة من
علامات النبوءة المزعومة . علما أن جملة (جاع يسوع )تكررت عشرات
المرات فلم يمخض له احد زبدا ولم يستصف له عسلا...
يجب أن نعرّف اسم يسوع ومن أى لغة تم اشتقاقه وما معناه: يقول
الدكتور القس إبراهيم سعيد : ((إن الصيغة اليونانية للاسم العبرى
(يسوع) هو يهوشوع)). (4)
ويقول قاموس الكتاب المقدس ص 1065 إنها (يشوع). ولكن اليهود بما
ان اكثرهم كان يعمل بالترجمة بين الارامي والعبري ثم اليوناني .
فقد ابدلوا اسم عيسى إلى يسوع وهو اسم صنم وثنى كان يُعبد فى قوم
نوح (أ) . وهو اسم مشتق أيضا من اسم الثور الذى كانوا - بنى
إسرائيل - يعبدونه فى التيه . أى حرَّف بنو إسرائيل اسم عيسى
وجعلوه اسم وثنياً(5) وهو هذه المرة الصنم (يسوع) الذى يشبه ثورهم
المعبود.
المسيحيون لم يعترضوا على ذلك أبدا، لأن المسيحيين يشبّهون عيسى
فى كتابهم (بالخروف) كما جاء في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 7: 17
((لأَنَّ الْخَرُوفَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ)).
وقد أجمع مفسرو المسيحية ان الخروف هنا هو رب الأرباب الجالس على
العرش يسوع المسيح (6)..ولكن (عيسى) يأبى ذلك فكثيرا ما كان
يُناجي ربه بعينين مليئتين بالدموع ويقول : (( ورفع عينيه نحو
السماء وقال : أيها الأب، هذه هي الحياة الأبدية : أن يعرفوك أنت
الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته. أنا مجدتك على
الأرض. العمل الذي اعطيتني لأعمل قد أكملته. أنا أظهرت اسمك للناس
الذي أعطيتني. وقد حفظوا كلامك.والآن علموا أن كل ما أعطيتني هو
من عندك، لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم، وهم قبلوا وعلموا
يقينا أني خرجت من عندك، وآمنوا أنك أنت أرسلتني)) . (7)
فماذا بعد الحق إلا الضلال . فإنهم في ضلالهم تجاوزوا طُرق
الضلال، إذ اتخذوا ما يستحقره أعداؤهم من الحيوان آلهة . (8)
المصادر والتعليقات ــــــــــــــــ
1- بينما اختفت كلمة عيسى من الكتاب المقدس . نرى أن القرآن ذكرها
اكثر من خمس وعشرين مرة.
2- سورة النجم آية : 23.
3- - ولما لم يجد تينا فيها دعا عليها بحرارة فقضى عليها في
مكانها كما في إنجيل متى 21: 19 ((جاع، فنظر شجرة تين على الطريق
. وجاء إليها فلم يجد فيها شيئا إلا ورقا فقط. فقال لها : لا يكن
منك ثمرٌ بعدُ إلى الأبد!. فيبست التينة في الحال)). وما ذنب
التينة إن كانت ذكرا أو أن موسم التين لم يحن ؟ أين معجزاته ؟
لماذا لم يدع الله فيخلق فيها تينا بدلا من الدعاء عليها فيبست في
الحال.الذي اثمر النخلة واسقط على امه تمرا رطبا جنيا هل يبخل على
وليدها المقدس بكم تينة يأكلها نبيه .
4- فى كتابه شرح بشارة لوقا ص 21 .
(أ) ملاحظة : لربما اشار القرآن إلى ذلك في قوله : (( وَقَالُوا
لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا
سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا )) فهذه الآية وردت
في سورة (نوح) ولربما المقصود من كلمة (سواعا) هو يسوع الثور
المعبود لدى قوم نوح سابقا.
5- لعل السبب في تحريفهم هذا أنهم يرون انفسهم (ابناء الله
واحباءه) ولما جاء عيسى وقال بأنه ابن الله وجاء بدين مغاير
لدينهم، ازعجهم ذلك كثيرا فوضعوا له هذا الاسم الذي يرمز إلى
الثور الوثني. ثم جاء المسيحيون فزعموا أن عيسى هو الخروف الجالس
على العرش .
6- يصف الكتاب المقدس الرب الله (يسوع) بأنه الخروف رب الأرباب
كما في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 7: 17 (( لأن الخروف الذي في وسط
العرش يرعاهم ويمسح الله كل دمعة من عيونهم فيسجد له جميع
الساكنين على الأرض لأنه رب الأرباب وملك الملوك)).
7- إنجيل يوحنا 17: 3.
8- سفر الحكمة 12: 24.