سأل الكثير عن معنى جملة وردت في بعض بحوثي وهي (اللعنات التسع التي
اصابت المرأة)) فرأيت أن أضع هذا البحث المختصر استجابة لطلب هؤلاء
الاخوة.
من بين اللعنات التسع التي ضرب الرب بها أمنا (حواء) بسبب معصيتها ،
أن الرب كتب عليها ان تغطي رأسها طيلة عمرها. فتأسس بذلك اول تشريع
للحجاب. فكان في بداية الامر انها تغطي كامل جسمها بالجلباب ثم تطور
إلى ما هو عليه الان .
لم يأت الكتاب المقدس على ذكر اسباب وضع النقاب والبرقع وغطاء الرأس
(الحجاب) بالنسبة للمرأة بهذا الشكل، والفلسفة التي جاء بها (بولص)
في تبريره بوضع غطاء الرأس للمراة فلسفة فاشلة مثله تماما.فهو يقول
: (( أن راس كل رجل هو المسيح ، وأما رأس المرأة فهو الرجل، ورأس
المسيح هو الله. كل امرأة تُصلي ورأسها غير مغطى ، فتشين راسها .
فليقص شعرها ولأن الرجل ليس من المرأة ، بل المرأة من الرجل. لهذا
ينبغي للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها ، من أجل الملائكة)).(1)
هل فهم أحد من هذه الفلسفة العقيمة شيئا. ولكن على الرغم من أن
(بولص) هو من كبار طبقة الكهنة اليهود قبل تمسحه فهو يعرف اللعنات
التسعة ولكنه تحاشاها من اجل ان يُزيد الغموض والبلبلة في
المسيحية.
فما هي اللعنات التسع وما علاقتها بالحجاب .
زعمت طبقة الكهنة العليا المفسرة للتوراة (السنهدريم) أن المرأة عند
سقوطها من الفردوس فقد كتب الرب عليها تسع لعنات عقابا لها على ما
ارتكبته من إثم تسبب في طردهم من الفردوس وهذه اللعنات التسع هي :
((الطمث ..ودم العذرية ...وتعب الحمل ...والولادة...وتربية الاطفال
..وتغطية رأسها وكانها في حداد ..وتخرم اذنها وكأنها جارية ...ولا
يؤخذ بشهادتها .. لا ترث)).(2) بينما لم يصب آدم إلا لعنة واحدة
بسبب طاعته لامرأته هي انه يكسب قوته بالشقاء فقال له : (( وقال
لآدم لأنك سمعت لقول امرأتك واكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا :لا
تأكل منها ، ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك
)). (3) ولذلك فإن المرأة غير مسموعة الكلام في عرف الكتاب المقدس
ومن هنا لا يجوز لها الحديث حتى في الكنائس . ولكننا فهمنا أن آدم
سوف يأكل رزقه بالتعب. ولكن الذي لا نفهمه من ربٍ عادل انه (يلعن
الأرض) وما ذنب الأرض في كل ذلك حتى أن الجريمة لم تحدث عليها بل
حدثت في الفردوس. هذا ما لم نجد له تفسيرا.
إذن مما تقدم فإننا عرفنا ان هذه اللعنات التسع صنّفها الكهنة في
تفسيرهم لمعصية آدم وحواء وكان من بين هذه اللعنات ان الرب امر حواء
بتغطية رأسها كله فلا يظهر منها سوى عينيها، ولربما تغطي حتى عينيها
وكأنها في مأتم جنازة حياءا من الرب والملائكة كما يفعل المجرمون
الآن في المحاكم حيث يُغطون رؤوسهم تماما خشية الكاميرات ووسائل
الاعلام .
النص التوراتي ذكر اولا النقاب ولذلك فإننا نرى في النصوص القديمة
اقرب نص لغطاء الرأس هو ((النقاب) ثم تطور إلى البرقع ، ثم اصبح
الجلباب ثم الخمار ثم الحجاب او غطاء الشعر .. ولذلك لا ترى في
العالم اليهودي والمسيحي والإسلامي أي شكل ثابت للحجاب بل كلٌ يلبسه
كما وصله بالموروث. وبما ان اصل التشريع كان النقاب وهو ثابت وموجود
في نصوص التوراة القديمة فإننا لا نعرف السبب الذي تطور الحجاب على
ضوءه. صحيح أن نصوص البرقع وغطاء الرأس وردت أيضا في الكتاب المقدس
ولكن لم يوضح السبب في تطور احكام الحجاب وكلُ ما نفهمه هو فلسفة
بولص العقيمة.
المصادر والتوضيحات ـــــــــــــ
1- انظر رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 11: 5.
2- بعضهم اضاف الموت كلعنة تاسعة ، ولكن هذا ليس صحيح حيث أن آدم
أيضا يُشاركها في ذلك فهو ايضا يموت ، ولكن الصحيح أن اللعنة
التاسعة هي عدم وراثتها للرجل الذي تسببت في طرده من الجنة .
3- سفر التكوين 3: 17