كذبة ينهار بسببها تاريخ أمة . سبي اليهود بين التوراة والمدونات التاريخية . ج1

2021/01/20

 
 
لقد فعل التزوير والمال والاحتيال والاغتيال فعله في اختلاق أرض وشعب وفرضه بالقوة على الواقع حتى جعله تقادم السنين امر مسلم به. 
الذي لربما لم ينتبه له المؤرخون أن التوارة المقدسة كتبتها أمة كانت تبحث عن وطن لتكّون لها تاريخا حالها حال الامم الأخرى . فكرست هذه العقول كل قدرتها الشيطانية التي اكتسبتها خلال رحلة البحث عن الكلأ والماء طيلة قرون متمادية يجوبون الأرض يرون حضارات قائمة وامم لها تاريخها وكياناتها فيحسدون هذه الأمم على حياة الرفاهية والازدهار التي يعيشونها بينما كانت حياة اليهود تعاني من الجفاف والحرمان . فكانت عقولهم تخطط بصمت وترسم على خارطة عقلها الآفن وطنا تخطه اقدامهم نسبوه فيما بعد للرب الله حيث زعموا أن الرب اوعدهم قائلا كما في : سفر التثنية 11: 24 ((كُلُّ مَكَانٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ . مِنَ الْبَرِّيَّةِ وَلُبْنَانَ. مِنَ النَّهْرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ، إِلَى الْبَحْرِ الْغَرْبِيِّ يَكُونُ تُخْمُكُمْ)) وهذا يشمل منطقة سوريا ولبنان والاردن وفلسطين ومصر والعراق وجزء من تركيا والساحل الايراني والجزيرة العربية برمتها وهي المنطقة التي كانوا يتنقلون فيها بحثا عن العلف لحيواناتهم. وولكن ماذا عن الشعوب التي تسكن هذه الأرض طيلة آلاف السنين حيث بنت حضارتها وشيدت بيوتها وحفرت آبارها وعمّرتها. انظر ماذا يأمر الرب اليهود كما في سفر حزقيال 34: 18 (( تَرْعَوْا الْمَرْعَى الْجَيِّدَ، وَبَقِيَّةُ مَرَاعِيكُمْ تَدُوسُونَهَا بِأَرْجُلِكُمْ، وَأَنْ تَشْرَبُوا مِنَ الْمِيَاهِ الْعَمِيقَةِ، وَالْبَقِيَّةُ تُكَدِّرُونَهَا بِأَقْدَامِكُمْ)). 
أنانية مفرطة وسخف لا مثيل له حيث يامرهم الرب أن يسرحوا في المراعي الجيدة وما فضل منهم يدوسونه بأرجلهم لكي لا تستفيد منها الأمم الأخرى . ويأمرهم أن يشربوا من المياه العميقة العذبة ، وما فضل منهم يُكدرونه أيضا بأقدامهم. 
انطلق اليهود منذ آلاف السنين لرسم هذه الخارطة بأقدامهم يجوبون الارض يبحثون عن ارض تفيض لبنا وعسلا واختلقوا لهذا السبب تاريخ ووقائع واحداث وأسماء لا وجود لها وسوف اتناول ذلك تباعا انطلاقا من توراتهم المقدسة جدا . ولكني اتناول في هذا البحث اكذوبة من اكاذيبهم الكبرى تلك هي اكذوبة ((مأساة السبي البابلي)) فكان من نتيجة هذه الكذبة هي (فلسطين) ثمنا لها . نعم (أورشليم القدس) التي يزعم اليهود أنها عاصمتهم التي دمرها نبوخذ نصر البابلي وساق بقيتهم إلى بابل سبايا حسب نبوءة الرب حيث قرر أن يبقوا في السبي (70) عاما ولكنها خرافة فندتها كثرة الوثائق التي عُثر عليها في خرائب بابل وآشور ومدونات كورش وما كتبه الفلاسفة المعاصرون والذي ينفي وبوضوح وقوع تدمير مملكة اليهود كما تذكرها التوراة. 
واكذوبة السبي لا تقل سخف عن اكذوبة المحارق النازية التي كان ثمنها فلسطين فالاكذوبتان معا كان هدفهما تلك الأرض التي خطتها بطون اقدامهم كما في النص المشار إليه أعلاه . 
يتضح سخف مزاعم اليهود في أرض الموعد (فلسطين) أو كما يطلقون عليها (أورشليم) أنهم يجهلون تاريخ خراب هذه الدولة المزعومة. هذه الدولة التي يحلمون إلى العودة لها بعد خرابها قبل آلاف السنين ، التوراة تذكر تاريخا لدمارها لا يتجسد في الشواهد التاريخية ولا حتى في التنقيبات الأثرية. ولا حتى في أقول المؤرخين المعاصرين لحدث تدمير هذه المدينة فهل تجهل امة تاريخها ؟ أم أن كلشيء تم اختلاقه وتزويره في الكتاب المقدس؟ الوثيقة الوحيدة التي يثبت اليهود فيها حقهم في ارض فلسطين.
بنص التوراة لم يكن لليهود دولة يعيشون فيها ولا حضارة يُعرفون بها، حيث تذكر التوراة بأن شعب إسرائيل كان مشتتا (1) شعب بدوي همهم الركض وراء الماء والعلف. بيوتهم على ظهور الحمير إينما وجدوا ماءا خيّموا وهذا حالهم إلى زمن قريب .وهم يرون الامم من حولهم لها حضارات وابنية وانظمة ادارية متكاملة ، فكان حلمهم الدائم ان يمتلكوا ارضا دسمة تفيض لبنا وعسلا لكونهم كسالا فكانوا يتوسلون بشتى الطرق من أجل الحصول على مكان بهذه المواصفاة .وعملية بحثهم الدائم عن وطن يجتمعون فيه اكسبتهم مهارة كبيرة في المكر والغدر وجعلت فيهم قسوة بالغة ضد كل من يقع خارج دائرتهم ، لأنهم شعب جبان كسول (2) يعتمد على غيره في كل شيء ويسرق كل ما يجده في طريقه لا بل مدوا أيديهم إلى تاريخ الأمم فقلبوه وجعلوه تاريخا لهم . وبرعوا في تزييف الوقائع والاثار ودسها في اي مكان يُريدون الاستحواذ عليه لكي يصبح حقا تاريخيا لهم . وهذه كذبتهم الكبرى في فلسطين وبحثهم المستميت وراء كل ما يُعزز مزاعمهم في اقامة مكان عبادة لهم (( ولكن كل الحفريات التي تمت في فلسطين وعلى يد خبراء اليهود انفسهم خلال قرن كامل بحثا عن أي دليل مهما كان تافها على وجود (إمبراطورية سليمان العجائبية) فلم يكن حظها غير الفشل الذريع )) .(3)
وخاب املهم في العثور على ما من شأنه ان يُعزز نظرية التوراة عن دولة أورشليم الأرضية المزعومة يضاف إلى ذلك أن جميع الحروب والغزوات التي كانت تتعرض لها فلسطين كانت تحدث من قبل دول قوية لها كيانها ، واليهود كانوا شراذم لا يجمعهم عرق ولا وطن وأكثر هذه الحروب كانت صليبية مسيحية الطابع ، ولم تكن في يوم ما يهودية ، فالمطالبة بالقدس وكما هو معروف كلف أوربا المسيحية الكثير من أموالها وخيرة رجالها ، من أجل إرجاعها إلى حضيرة الدين المسيحي فلم يكن يُعرف أن لليهود حقا فيها، والتواجد اليهودي في فلسطين حاله حال من يتواجد في اليمن والعراق ومصر والجزيرة العربية وقبرص وروما وأفريقيا من اليهود ...الخ .. التوراة كسجل تاريخي لبني إسرائيل لا تؤيد مزاعمهم لأن الرؤية فيها جدا مشوشة حول دولة إسرائيل (أورشليم) المزعومة وخصوصا فيما يتعلق بأهم مفردة من مفردات هذه الأكذوبة وهي (عملية السبي إلى بابل) على يد نبوخذنصر . اضافة إلى ذلك أن التوراة نفسها تقول بأن دولة إسرائيل ليست على الأرض وإنما سوف تنزل من السماء بعد خراب المعمورة . (4) فنسف هذا النص التوراتي المقدس كل المزاعم التي قدمها اليهود لامتلاك هذه الأرض. 
والحديث عن حضارة لليهود في أورشليم (القدس) وغيرها حديث لا أساس له من الصحة فلم يرد ذلك في أدبيات اليهود إلا في فترة متأخرة جدا لا بل نكاد نعين تاريخا قريبا ولا منطقة محددة لهم حيث انهم كانوا يبحثون عن ارض فحاول الإمبراطور (غليوم الثاني) الحصول على وطن لليهود من الدولة العثمانية ففشل. ثم طالب اليهود من الإنكليز أن يمنحوهم جزيرة قبرص لإقامة وطن قومي لهم ، ولكن الإنكليز رفضوا ذلك لأن قبرص كانت من قواعدهم القوية بوجه الدولة العثمانية. ثم اقترح عليهم (جوزيف غمبرلن) وزير خارجية المستعمرات البريطانية، تاسيس دولة لهم في أوغندا، شرقي أفريقيا. وقد وافق (تيودود هرتزل) على ذلك ، ولكن (حاييم وايزمن) عارض الاقتراح بشدة ، لأن أوغندا كانت تفتقد للعناصر التي تمكنهم من جذب اليهود اليها. (5) ولم يُفكروا يوما بأن تكون فلسطين لهم بل كانت فلسطين هدف الاستعمار الغربي الذي وجد شعب حالما مستعد أن يرتكب كل الرذائل والجرائم من أجل اقامة كيان له فسلمه فلسطين (6). واما الحديث عن اورشليم والسبي إلى بابل والهيكل أو المعبد فهناك اجندة جعلت من ذلك حقيقة واقعة وفرضتها بقوة على مصادر التاريخ العالمي حيث أن التوراة التي سبقت الجميع في كلامها عن شعب إسرائيل قالت بأن حضارة إسرائيل لا وجود لها بل اليهود استولوا على مدن شعوب وحضارات شعوب كانت مبنية قائمة عامرة بأهلها واسواقها وآبارها بعد أن أبادوا سكانها واخلوا تلك المناطق منهم ثم نسبو ذلك إلى الرب بأنه أعطاهم هذه المدن بعد أن امرهم بابادة شعوبها كما نقرأ في نصوص كثيرة منتشرة في التوراة. (7)
انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني. 
المصادر والتوضيحات ـــــــــــــــــ
1- وهو ما اشارت إليه التوراة نفسها في فقرات كثيرة مثل قول التوراة: (( رأيت كل إسرائيل مشتتين على الجبال كخراف لاراعي لها)).(103) وفي رسالة يعقوب جاء في شرح مقدمتها :رسالة يعقوب وجهها إلى جميع شعب الله المشتت في العالم كله. (( من يعقوب عبد الله والرب يسوع المسيح إلى المؤمنين المشتتين من عشائر بني إسرائيل)). وفي سفر أستير 3: 8 ((فَقَالَ هَامَانُ لِلْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ: ((إِنَّهُ مَوْجُودٌ شَعْبٌ مَّا مُتَشَتِّتٌ وَمُتَفَرِّقٌ بَيْنَ الشُّعُوبِ فِي كُلِّ بِلاَدِ مَمْلَكَتِكَ، وَسُنَنُهُمْ مُغَايِرَةٌ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ، وَهُمْ لاَ يَعْمَلُونَ سُنَنَ الْمَلِكِ، فَلاَ يَلِيقُ بِالْمَلِكِ تَرْكُهُمْ)). وقد أيد القرآن الكريم ذلك حينما قال :(( ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا)).(105). 
2- وقد اجمعت التوراة والقرآن على جبنهم وكسلهم كما في سفر صموئيل الأول 17: 4: ((فَخَرَجَ رَجُلٌ مُبَارِزٌ مِنْ جُيُوشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ اسْمُهُ جُلْيَات ،فَوَقَفَ وَنَادَى صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمْ: اخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمْ رَجُلاً وَلْيَنْزِلْ إِلَيَّ. وَلَمَّا سَمِعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ كَلاَمَ الْفِلِسْطِينِيِّ هذَا ارْتَاعُوا وَخَافُوا جِدًّا. وَكَانَ الْفِلِسْطِينِيُّ يَتَقَدَّمُ وَيَقِفُ صَبَاحًا وَمَسَاءً أَرْبَعِينَ يَوْمًا)) أربعين يوما يقف هذا الفلسطيني يُعير اليهود ويطلب منهم رجل للمبارزة فلا يخرجوا له ويرتعدون هلعا من رجل واحد. إلى ان جاء داود وقتل جليات .وهو شبيه ما حدث في معركة الخندق حيث خرج فارس المشركين عمر بن عبد ود العامري اياما وهو يُعيّر المسلمين ويطلب منهم رجلا للمبارزة فلم يخرج له احد حتى بلغت القلوب الحناجر ، فخرج علي بن ابي طالب واراح الناس من شره وتسبب في هزيمة المشركين . والقرآن يصف اليهود ايضا بالجبن و أنهم خذلوا موسى واخيه وقالوا لهما : (( إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون .... اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ )).فلا أدري لماذا جبُن العرب والمسلمون عنهم خصوصا وان قرآنهم المقدس يؤكد جبن اليهود.
3- انظر كتاب الإسلام في الأسر ، الصادق النيهوم طبع دمشق الثالثة سنة 1995.
4- وهو ما اشار إليه يوحنا اللاهوتي في سفره 21: 2 في النص الأصلي الذي لم يُحرف في الترجمات :((وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا)). ولكن اليهود اضافوا كلمة (الجديدة) وراء كلمة أورشليم في الطبعات اللاحقة حتى يكون هناك اورشليم قديمة على الأرض واخرى جديدة تنزل من السماء. فيكون النص : ((أورشليم الجديدة نازلة من السماء)). وكذلك جاء في (( ظهرت أورشليم مدينة الله الحي، أورشليم السماوية وآلاف الملائكة في حفلة عيد أمام بني إسرائيل يتقدمهم موسى عليه السلام وسط ظواهر طبيعية مخوفة)).
5- مجلة التوحيد العدد 14 السنة الثالثة ، 1405ص 173 إيران . قم. 
6- انظر مجلة التوحيد العدد 102 ، السنة الثامنة عشر 2000 . حيث يتضح ذلك من خلال تصريحات كبار زعمائهم مثل قول ديفيد بن غوريون : ((أن إسرائيل احدث دول العالم ولكن الشعب اليهودي عمره آلاف السنين)).
7- وهو أخطر نص في التوراة غفل عنه اليهود يُصرح بأن حضارة اليهود ليست لهم بل لغيرهم كما في تثنية 6 : 11((وَمَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيَكَ، إِلَى مُدُنٍ عَظِيمَةٍ جَيِّدَةٍ لَمْ تَبْنِهَا،وَبُيُوتٍ مَمْلُوءَةٍ كُلَّ خَيْرٍ لَمْ تَمْلأْهَا، وَأَبَآرٍ مَحْفُورَةٍ لَمْ تَحْفِرْهَا، وَكُرُومٍ وَزَيْتُونٍ لَمْ تَغْرِسْهَا)). حضارات لا نعلم أين اصحابها استولى عليها اليهود بطرق تقشعر منها الجلود ومن حقنا ان نتسائل أين اصحاب هذه المدن العظيمة التي لم يبنها اليهود بحسب نص التوراة والابار المحفورة والبيوت المبنيّة وكروم وزيتون مغروسة أين اهلها؟؟؟ ثم يأت من يقول ان كل ذلك بناه اليهود في فلسطين وهو حقٌ تاريخي لهم.
أخترنا لك
النبوءة الثالثة لسر فاطمة

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف