أولاد آدم . بمن تزوجوا ؟؟

2020/08/09



إيزابيل بنيامين ماما اشوري
 
هذا السؤال حير الكثيرين وتضاربت فيه الاجوبة وإيزابيل تدلوا بدلوها هنا وتقدم رؤية تفسيرية تزاوج فيها بين نصوص الاديان.
لا علينا بالأديان الغير توحيدية كما في شرح منّوسمرتي أو آرياني ستيانس التي تقول بأن الرب خلق من اصبع ابهام رجله اليمنى رجلا ومن اصبع ابهام رجله اليسرى امرأة فكان النسل ثم زوج البنات بالبنين . فهذا الرأي ايضا يتجه إلى القول بأن البشرية ثمرة زنا المحارم .
نقرأ في نصوص الكتاب المقدس أن زواج آدم من حواء كان زواجا شرعيا وفق المقاييس الإلهية تم بإذن الرب كما نرى ذلك في قول حواء التي تقول في سفر التكوين 4 : 1 (( اقتنيت رجلا من عند الرب )).
وكذلك قولها بعد ولاتها للمولود الثالث شيث كما في سفر التكوين أيضا الاصحاح الرابع 25 : ((وعرف آدم امرأته أيضا ، فولدت ابنا ودعت اسمه شيث وقالت أن الله قد وضع لي نسلا)) .
إذن نعرف من الآيات السابقة أشياء مهمة منها أن حواء تزوجت زواجا شرعيا بإذن الرب وأنجبت ذكور وانها لم تُنجب اناث كما يوحي النص بذلك .
فمن أين تزوج أبناء آدم ؟ ومن أين جاؤوا بقولهم أن أبناء آدم تزوجوا أخواتهم والتوراة لم تصرح بذلك ولا أي مصدر مقدس آخر؟
نظرا لحساسية هذا المسألة فقد تغافلت كل تفاسير الكتاب المقدس عن مصدر ازواج أبناء آدم ، إلا تفسير القس انطونيوس فكري الذي جازف واخترع زوجة لقابيل لم يذكرها الكتاب المقدس ، ولم يخبرنا بمصدر هذه المعلومة من أين جاء بها حيث قال في شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري التكوين 4 - تفسير سفر التكوين: ((إمراة قايين هي أخته والله سمح بهذا أولًا ليقيم نسلًا))
ولكن لربما نستفيد من التوراة نفسها بأن قابيل عندما قتل أخيه هرب كما في تكوين 4 : 16 ((وخرج قايين من لدن الرب وسكن في أرض نود شرقي عدن . وعرف قايين امرأته فحبلت وولدت حنوك وَكَانَ يَبْنِي مَدِينَةً، فَدَعَا اسْمَ الْمَدِينَةِ كَاسْمِ ابْنِهِ حَنُوكَ)) ففي هذا النص وفي ارض الغربة عرف قابيل امرأته أي تعرف هناك على بنت وتزوجها ثم انجب منها اطفال وبدأ ببناء مدينة للسكن فيها , وهذا الافتراض يبقى معلقا لسبب أن ذرية البشر كلها من آدم ، فهل كان في ارض نود شرقي الاردن بشرا تزوج منهم قابيل ؟
ثم تتالى نسل قابيل حيث يقول في تكوين 4 : 18 (( وولد لحنوك عيراد وعيراد ولد محويائيل ومحويائيل ولد متوشائيل ومتوشائيل لامك واتخذ لامك لنفسه امرأتين اسم الواحدة عادة واسم الاخرى صلة فولدت عادة يوبال ، وصلة ايضا ولدت توبال . ولشيث أيضا ولد ابن فدعا اسمه أنوش)) وهكذا استمر النسل بالتكاثر وأصبح في الأرض اولاد عمومة وأولاد خالة مما يحل التزاوج بينهم.
إذن من هذا التفسير نكتشف أن كل البشرية هم أولاد زنا لأن قابيل تزوج اخته كما يقول القس المحترم انطونيوس في تفسيره.
توجهت إلى المسيحية وطرقت باب الانجيل فلم أجد أي ذكر لهذا الخبر لا من بعيد ولا من قريب بل أن الانجيل لم يذكر حتى قضية خلق آدم وحواء وسكت عنها وكأن الأمر لا يعنيه !!.
اضطررت للجوء إلى تفاسير المسلمين . فوجدت تفاسير ومع الأسف الشديد أن بعض اهل السنة والجماعة تميل إلى قول القس أنطونيوس من أن آدم زوج الاخوة من الاخوات فهم يقرون بأننا ثمرة زنا وأولاد حرام كما جاء في تفاسيرهم وكتبهم الفقهية فيقولون : ((وقد كان في شرع آدم عليه السلام تزويج الأخ من أخته بخلاف شرائع من بعده وفيما يلي توضيح من الحافظ ابن كثير في هذه المسألة : قال رحمه الله تعالى : [ إن ] الله تعالى شرع لآدم عليه السلام أن يزوج بناته من بنيه لضرورة الحال ولكن قالوا كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر .. قال السدي فيما ذكر عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يولد لآدم مولود إلا ومعه جارية فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر)) تفسير ابن كثير . سورة المائدة . آية 27
ولكن أهل السنة والجماعة أكثر انصافا من القس أنطونيوس حيث انهم لم ينسبوا هذا القول إلى نبيهم بل نزهوه عن ذلك ونسبوا هذا القول إلى بعض اصحاب النبي وأبهموهم ولم يُبينوا من هم هؤلاء فقالوا : (( عن ناس من أصحاب النبي !))
ولما رأيت أن ذلك أيضا من التفاسير اليهودية اتجهت إلى تفاسير وفقه الشيعة الإمامية فوجدت ما كنت ابحث عنه في تفسير للإمام الصادق عليه المراحم حيث يقول بأن الرب الله انزل من الجنة بنات زوجهن لأولاد آدم ، وأنزل من الولدان المخلدون شبابا تزوجوا ببنات آدم فكان نسل البشرية حلالا وليس سفاحا .فهو يقول كما يروي الصدوق في كتابه العلل عن الامام الصادق في حديث له ينكر فيه زواج الأخ بأخته فيقول : ((سبحان الله عن ذلك علواً كبيراً يقول من يقول هذا ( اي تزاوج الابناء بالبنات ) : ان الله تعالي جعل أصل صفوة خلقه وأحبائه وأنبيائه ورسله وحججه والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام !! ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال ، وقد اخذ ميثاقهم علي الحلال والطهر الطاهر الطيب )). وهذا التفسير مما يُطرب له وهو جدا صحيح وهو اقرب للواقع إذا اخذنا بنظر الاعتبار أن آدم لم يلد سوى ذكور كما هو مذكور في الكتاب المقدس وبوضوح، خصوصا وأني وجدت ما يعضد هذا الرأي في الكتاب المقدس حيث يقول في سفر التكوين 6: 4 (( أن أبناء الله ـــ الملائكة ــ رأوا بنات الناس أنهن حسنات دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولادا)) وهنا يقصد أن الملائكة تزوجوا من البشر وهو لربما اشارة إلى قدوم مخلوقات من كوكب معين او عالم آخر وتزوجوا من بنات الارض وهو ما يُرمز له بالجنة .
طرحت ما جاء في تفسير الامام الصادق حول زواج ابناء آدم على بعض القساوسة المنصفين وبعض علماء اللاهوت مالوا كلهم إلى رأي جعفر الصادق واستحسنوه لأنه اقرب للواقع ويقبله العقل ولأن آدم وحواء كانوا في الجنة . ولأنه انزه واطهر لنسلنا ونسبنا وان انتسابنا لأمهات من الجنة افضل من كوننا أبناء زنا المحارم.
فهل هناك تأويل آخر غير الذي وجدته ؟؟؟
افيدونا يرحمكم الرب .
أخترنا لك
هذا كل ما لدينا من دليل على الكتاب المقدس

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف