هل أنت هو الآتي أم ننتظر آخر

2024/09/27

((هل أنت هو الآتي أم ننتظر آخر )).
إيزابيل بنيامين ماما آشوري
فتحت القرآن يوما ووضعت الإنجيل بجانبه وقمت بمقارنة نصوص آخر الأنبياء مع ما ورد عنهم في القرآن فوجدت أن القرآن المقدس أولى أربعة أشخاص اهتماما بالغا ومنحهم عناية فائقة وتحدث عنهم كثيرا كآخر شخصيات في سلسلة النبوات التي أرسلها الرب للبشر . أولئك هم (زكريا ويحيا ومريم وعيسى). ومن خلال الإنجيل والقرآن وجدت أن هؤلاء الأربعة عاشوا في زمن ومكان واحد . الأناجيل كذلك ذكرت من أحوال هؤلاء الأربعة وأخبارهم الشيء الكثير، ولا يوجد هناك كبير اختلاف بين الأناجيل والقرآن حول هؤلاء الأربعة.
فقد تحدث الإنجيل عن هؤلاء بتفصيلات مملة كعادته ولكنه لا يُلام على ذلك ، لأن كل مؤلف إنجيل قال: بأنه إنما كتب هذه القصص من ذاكرته عن حياة يسوع المسيح ومن هنا جاءت هذه التفصيلات. وإلا فإن الوحي يأخذ من مصدر واحد فلا يختلف في ذكره للحقائق ولا يخوض في التفاصيل. وإنما الاختلاف يدل على أن مصدر هذا الكلام ليس وحيا. ولكن لربما وحيا تم تحويره.أو تشويهه لاخفاء حقيقة ما.
فزكريا في الإنجيل والقرآن ، شيخٌ كبير في السن وامرأته عاقر ولكن الرب قرر ان يفتح رحمها وأعطى الرب زكريا آية على ذلك انه لا يكلم الناس. وهو قوله : (( قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغت من الكبر عتيا وامرأتي عاقرا قال كذلك الله يفعل ما يشاءُ. قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا)). واتفق الإنجيل على ذلك حيث يقول : فلما خرج ـ زكرياـ لم يستطع أن يكلمهم : (( لا تخف يا زكريا امرأتك أليصابات ستلد ابنا وتسميه يوحنا . أنا جبرئيل جئت لأبشرك بهذا وأنت تكون صامتا ولا تقدر أن تتكلم فلما خرج ــ إلى قومه ــ لم يستطع أن يكلمهم وبقى صامتا)) إنجيل لوقا 1 :
إذا فإن اتفاق هذه الكتب على شخصية زكريا وابنه يوحنا وما صاحبها من مآس كبيرة تقطع نياط القلوب مرت على هذا النبي الذي يطلق عليه القرآن اسم (يحيى) ونستدل على عظم مصيبة يوحنا مما ذكره الحسين بن علي عليه سلام الرب .فعن علي بن الحسين عليه سلام الرب قال :((خرجنا مع الحسين عليه السلام فما نزل منزلا ولا ارتحل منه إلا وذكر يحيى بن زكريا عليه السلام وقال يوما :من هوان الدنيا على الله إن رأس يحيى بن زكريا عليه السلام اهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل)) . وهذا ما ذكره الإنجيل في متى 14 : 8 حيث يقول : (( قالت أعطيني هاهنا على طبق رأس يوحنا المعمدان. فأرسل الملك وقطع رأس يوحنا في السجن وأمر أن يُعطى للصبية)).
مريم التي كفلها زكريا ـ أبو يحيى ـ الذي كان متزوجا من خالتها أليصابات يقول عنها القرآن المقدس : (( وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا . قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله )) . والإنجيل أيضا يتفق مع القرآن في ذلك ويصف مريم بهذا الكرامة أيضا : فكلما دخل عليها زكريا وجد عندها عنبا ورمانا وفاكهة في غير أوانها فيقول لها من يأتيك بهذا فتقول له الرب.
من كل ذلك نعرف أن زكريا يعرف مريم وهي تعرفه وهم أقرباء وزكريا أبو يوحنا وأم يوحنا اليصابات في أغلب الروايات أنها خالة مريم . وفي رواية الانجيل أنها نسيبة مريم إنجيل لوقا 1: 36: (( وهوذا اليصابات نسيبتك هي أيضا حبلى بابن )) وأن مريم كانت تزور اليصابات دائما وكلما دخلت مريم على اليصابات يرتكض الجنين الذي في بطنها فرحا وابتهاجا بقدوم مريم المقدسة الحامل في بطنها بعيسى أخيه وصديقه وابن خالته وكأن هناك علاقة ومعرفة كونية بين النبيين وهما بعدُ في عالم الأجنة.
إذن معرفة يوحنا لعيسى كانت وهما بعد في الرحم بحسب رواية إنجيل لوقا الإصحاح الأول : 41 (( فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها )) والأوضح من ذلك فان يوحنا هو الذي عمّد السيد المسيح بالماء ليطهره من ذنوبه التي ورثها من آدم وابنه قابيل !! إلى الكثير من الحوارات الدالة على أن علاقة عيسى بيوحنا كانت علاقة حميمة إلى الحد الذي يقول السيد المسيح بأن يوحنا لم تلد النساء أعظم منه كما في متى 11: 11 ((الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان )).
بعد كل هذه المعرفة الدقيقة بين يسوع المسيح ويوحنا، تأت نفس الأناجيل مجتمعة فتصور لنا بأن يوحنا لم يكن يعرف المسيح ؟ والمسيح لم يكن يعرف يوحنا؟ . أيوجد أعجب من ذلك وأغرب ؟. وما هو الهدف من وراء إنكار العلاقة بين يوحنا ويسوع؟ هذا مالم أجد له تفسيرا عند أكابر علماء المسيحية ولا في تفاسيرها. وكل ما حصلت عليه منهم قولهم : أنهما أنكرا معرفتهما ببعض خوفا من القيصر .وهذا طبعا مما لم أجد له أي مصدر أو دليل . ويُكذّب ذلك هو : أن يوحنا وهو في السجن كان يرسل الرسل ليسوع ليستفهم منه بعض الأمور. هنا في هذا النص المزعوم يوحنا ينكر أنه يعرف السيد المسيح: ((وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي أرسلني قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو)). يوحنا 1 : 31
إذن من هذا النص نفهم أنه لا معرفة سابقة بين يسوع ويوحنا وإنما الرب أعطى علامة ليوحنا ومن خلال هذه العلامة تعرّف يوحنا على يسوع ، فنسف بذلك الإنجيل نفسه المعرفة السابقة والقرابة الخصيصة بين السيد المسيح ويوحنا والتي حفلت بها الكثير من فقراته. ولكن كما قيل: لو عُرف السبب بطل العجب. عملية التشويه المتعمدة هذه جاءت لإخفاء حقيقة تخيفهم جدا لو بقي الترابط في الآيات على حاله. هذه الحقيقة هي أن يوحنا حاول قبل أن يموت أن يسأل هل أن يسوع المسيح هو نبي آخر الزمان الذي سوف يأتي والمبشر به في الناموس الأعظم ؟ ولذلك نرى يوحنا يرسل رسولين من السجن إلى يسوع ليسأله هذا السؤال الخطير كما في إنجيل متى الإصحاح 11 :3 ((قولا له أنت هو الآتي أم ننتظر آخر)).
وذهب الرسول يحمل هذا السؤال إلى يسوع المسيح وعندما سمع يسوع السؤال: (( فأجاب يسوع وقال لهما: اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران … لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا. وإن أردتم أن تقبلوا، فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي…من لهُ أذنان للسمع فليسمع)) . فمن هو إيليا ؟ أكيد انه ليس يوحنا ولا يسوع . إنه شخص لم يأت بعد وهذا ما نراه بوضوح في النص الآتي الذي يُبين بانه هناك (نبي وإيليا) سوف يأتيان وعليهما يقع مدار الحديث .
سأل اليهود يوحنا : ((من أنت اخبرنا لكي نخبر من أرسلنا. إيليا أنت ؟ فقال : لست أنا . النبي أنت ؟ فأجاب لا . فسألوه : إذا فما بالك تُعمّد إن كنت لست المسيح ، ولا إيليا، ولا النبي ؟ إذن هنا ثلاث أشخاص ينتظروهم : إيليا ومسيح ونبي . وبما أن يوحنا والمسيح موجودان في زمن واحد ، فقد تبقى النبي وايليا . فقد أخبرهم يوحنا بوجود يسوع المعاصر له ولكن بقى آخران لم يأتيا بعد ، وهما نبي وإمام . وهذا معروف لدى كل أتباع الديانات من أن اي نبي يُبعث معهٌ وزيره . مثل إبراهيم ولوط ، موسى وهارون ، يسوع ويوشع ، محمد وإيليا . وهؤلاء الوزراء فقط يُبعثون مع الأنبياء ذوي القدرة والبأس والعزم .
ولكي يمنع يسوع حصول اي خلط فيما قاله يوحنا فقد بيّن حقيقة الأمور قبل رحيله بليلة واحدة حيث ألقى عليهم الحجة النهائية فقال لهم كما في إنجيل يوحنا 14 :26 ((إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الأب فيعطيكم بارقليط ـ أحمد ـ آخر ليمكث معكم إلى الأبد الذي لا يستطيع العالم أن يقبله الكلام الذي تسمعونه ليس لي بل لله الذي أرسلني . وتمم يوحنا هذا القول كما في 16 :7 . لقد كلمتكم بهذا لكي لا تعثروا. وأما الآن فأنا ماض إلى الذي أرسلني لكني أقول لكم الحق : إنه خيرٌ لكم أن أنطلق، لأنهُ إن لم أنطلق لا يأتيكم البارقليط ـ أحمد ــ ولكن إن ذهبت يرسله إليكم ، إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك، روحُ الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق ، لأنه لا يتكلم من نفسه ، بل كل ما يسمعُ يتكلمُ به)).
وهكذا وضع يسوع الأسس الصحيحة للتفكير السليم حول ما جاء من بشارات ، وسد باب الذرائع ، ولكن عندما تم كتابة تلك القصص عن يسوع اختلطت ثم حُرفت فيما بعد وأصابها تشويش هائل وخير دليل على ذلك هو هذه الجملة التي قالها يسوع : ((فيعطيكم البارقليط)) فقد ترجموها المعزي أو المسلي أو الروح القدس، في حين أن جميع المعاجم لازلت تشهد بان معناها أحمد .
المفسرون هنا يقولون بأن هذا البارقليط هو معزي او مسلي وهو يسوع أو الروح القدس . ولكن هذا كله كذب . فمن أتى بعد المسيح فهم هذه الكلمة على أنها بشارة بنبي يأتي بعد رحيل يسوع ولذلك نرى ((ماني)) زعم في احدى نبوءاته أنه هو الفارقليط الذي بشّر به يسوع ولذلك اشتهر عنه هذا القول : ((أنا الباراقليط الذي أُعلنت رسالته من زمن قديم بواسطة يسوع والذي كان يجب أنْ يأتي ليقنع العالم)) وقد اعترف آدوين جونس في كتابه : نشأة الديانة المسيحية بأن البارقليط : محمد. ولكن كعادة المعاندين يقول : بأن المسيحيين ادخلوا هذا الإسم بعد مجيئ الإسلام نتيجة تأثرهم بالثقافة الدينية الإسلامية.
ولكن ما ينفي كل هذه المزاعم هو قول يسوع : ((إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق)). وهذا القول الثقيل الذي لم يحتمله الصفوة من تلاميذ المسيح قريب من القول في القرآن سورة المزمل 5 : (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) .
ولعل إنكار برنابا في إنجيله لإسم (الباراقليط) وذكره للإسم الصحيح (محمد) يؤكد حقيقة التحريف الحاصل في الأناجيل. فقد ورد ذكر (محمد) في إنجيل برنابا (28) مرة.
عرض الرؤى والإعلانات
كل التفاعلات:
Mostafa Aliraqi، وKauther Gasm و٢٩٨ شخصًا آخر

أخترنا لك
الصلاة كما صلاها يسوع يا قداسة الاب

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف