الحب والبغض في الله 12 : المرحلة الثانية في الأدلة على حكم الحب في الله تعالى . المقام الأول الدليل القرآني ، المقام الثاني في الدليل من السنة . مطلوبية الحب في الله من الضروريات .

2020/06/01


بسم الله الرحمن الرحيم
الفقه . الدرس ١٢ الأثنين  . ١٧ شهر رمضان.  ١٤٤١
 الحب والبغض في الله . المرحلة الثانية في الأدلة على حكم الحب في الله تعالى . المقام الأول الدليل القرآني  ، المقام الثاني  في الدليل من السنة . مطلوبية الحب في الله من الضروريات .

بل قد يندرج في ذلك قوله تعالى ( أشداء على الكفار رحماء بينهم ) ، وقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، وقوله تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ )، وقوله تعالى : (اِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدّاً) ما لم تكن الأحاديث الواردة في تفسيره تبين اختصاصه بآل محمد صلوات الله عليهم فيرتفع اطلاقه لغيرهم فيكون خاصا بهم وليس عاما شاملا لعنوانه وأنهم صلوات الله عليهم أظهر مصاديقه ، كما في آية الولاية التي لا إشكال في اختصاصها بأمير المؤمنين عليه السلام، وعدم شمولها لغير الأئمة من بعده على ما فصلناه من البحث فيها في مفهوم الحصر من مباحث الألفاظ في أصول الفقه .
3_ دلت بعض آيات الكتاب على وجوبه في بعض الموارد كما في آية المودة في القربى ، وآية الولاية بحسب ما في معنى التولي لله و للنبي وأمير المؤمنين عليه السلام من دلالة التزامية على الحب لله، والحب في الله تعالى .
4_ والمهم في المقام أن موضوع الحب في الله من الموضوعات التي نجدها منسجمة جدا مع المفاهيم القرآنية خصوصا إن لاحظنا نصوص حب الله تعالى .
 وبناء على ذلك فليست النصوص الحديثية الواردة في الحب في الله غريبة على المنهج القرآني فهي من هذه الجهة أخبار موافقة للكتاب، لا مخالفة له .
المقام الثاني : الحب في الله في السنة الشريفة :
لا يكاد يتردد الناظر في نصوص السنة الشريفة التي حثت على الحب والبغض في الله بالجزم في أصل كونهما مطلوبين وبذلك يتم معنى التواتر بالنحو الذي يناسب التحقيق الاصولي في حقيقته، وقد وصف المجلسي  الأول أعلى الله مقامه في روضة المتقين  الأخبار في باب الحب في الله والبغض في الله بأنها متواترة ( ج 2 ص 499) بل الأمر بعد ملاحظة المجموع من النصوص القرانية والحديثية وارتكاز المتشرعة يكون من الضروريات التي لا يقع الشك فيها لدى الباحث المنصف الا بسبب نقص في الايمان، أو ابتلاء بشبهة .
ومن هنا لا نجد من متطلبات البحث أن نراجع عامة النصوص الواردة في الحب والبغض في الله بل نركز الكلام على النصوص التي تدل على الوجوب أو الاستحباب.
   فالكلام إنما هو في كونه واجبا أو مستحبا بعد التسليم التام بالجامع بين الوجوب والاستحباب وهو أصل المطلوبية .
فينبغي أن نذكر ما قد يستدل به على الوجوب أولا ، ثم نذكر ما قد يستدل به على الاستحباب بالمعنى الذي ينافي الوجوب ثانيا وذلك في نقطتين رئيستين :
النقطة الأولى : في الأدلة على الوجوب وهي عديدة :
الأول : ما رواه البرقي  عن أبيه ، عن حمزة بن عبد الله الجعفري ، عن جميل بن دراج ، عن عمر بن مدرك أبي علي الطائي قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : أي عرى الايمان أوثق ؟ - فقالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : قولوا ، فقالوا : يا بن رسول الله الصلاة ، فقال : ان للصلاة فضلا ولكن ليس بالصلاة ، قالوا : الزكاة ، قال : ان للزكاة فضلا وليس بالزكاة ، فقالوا : صوم شهر رمضان ، فقال : إن لرمضان فضلا وليس برمضان ، قالوا : فالحج والعمرة ، قال : إن للحج والعمرة فضلا وليس بالحج والعمرة ، قالوا : فالجهاد في سبيل الله ، قال : إن للجهاد في سبيل الله فضلا وليس بالجهاد ، قالوا : فالله ورسوله وابن رسوله أعلم ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله ، توالى ولي الله و تعادى عدو الله .
وحمزة بن عبد الله الجعفري _ وإن لم اظفر بتوثيق له _ الا أنه من رجال الفقيه في المشيخة ، فضلا عن رواية البرقي عنه فقد روى عنه ما يزيد على عشرين موردا ثلاثة عشرة منها روى فيها حمزة عن جميل بن دراج واربعة منها عن اسحاق بن عمار وروى عنه الكليني قليلا جدا وكذا الصدوق ولكنهما لم يرويا عنه بطريق غير البرقي ، ورواياته عموما  ليس فيها خلل ، وقد ذكر الشيخ في الاستبصار روايتين  له وقدم عليهما سواهما، ولكنه لم يطعن بأي منهما من جهته ، فالرجل ليس موثقا معتبرا، ولكن أحاديثه مما يسرع فيها تحقق الوثوق بصدورها إن اعتضدت بغيرها.
وعمر بن مدرك أبو علي الطائي ذكره البرقي والشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام  قليل الرواية عندنا ، فالرواية لا يعول عليها سندا ، ولا يصح البناء على مضمونها الا إن اعتضدت بنصوص اخرى .
ولا يكفي لذلك  ما رواه البرقي نفسه في موضع آخر عن محمد بن عيسى ، عن أبي الحسن علي بن يحيى - فيما أعلم - عن عمرو بن مدرك الطائي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ... قريب منه .
لأنه عن عمرو بن مدرك ابي علي الطائي نفسه ، ولأن أبا الحسن علي بن يحيى لم اجد توثيقا له ، مضافا لما في تعبير ( في ما أعلم ) من غضاضة .
بل لأن الحراني روى في  تحف العقول بهذا اللفظ (وقال صلى الله عليه وآله لأبي ذر : أي عرى الايمان أوثق ؟ قال : الله ورسوله أعلم ، فقال : الموالاة في الله والمعاداة في الله والبغض في الله ).
ورواه الشريف الرضي في المجازات النبوية فقال ( رواه البراء بن عازب عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : أي عرى الاسلام أوثق ؟ فعدد الحاضرون شيئا شيئا من شرائع الدين ، فقال عليه الصلاة والسلام . أوثق عرى الاسلام أن يحب في الله ويبغض في الله ) .
ولعله هو ما رواه المفيد في الاختصاص _ على الكلام في ذلك _ قال (وروي عن البراء بن عازب قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم فقال : أتدرون أي عرى الإيمان أوثق ؟ قلنا : الصلاة ، قال : إن الصلاة لحسنة وما هي بها ، قلنا : الزكاة فقال : لحسنة وما هي بها ، فذكرنا شرائع الإسلام ، فقال : صلى الله عليه وآله : أوثق عرى الإيمان أن تحب الرجل في الله وتبغض في الله ) .
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف تارة عن البراء وأخرى عن مجاهد وثالثة عن ابن مسعود .
ورواه ابن أبي الدنيا والطبراني في معاجمه الثلاثة الكبير والأوسط والصغير، والهيثمي ، والبيهقي وابن عبد البر وغيرهم وعبر بعضهم بدل الايمان بالاسلام .  
وروى الصدوق في الفقيه عن النبي أنه قال ( يا علي : أوثق عرى الايمان الحب في الله ، والبغض في الله) .
والقطب الراوندي في دعواته : عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : " أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله ".
 وهو يكفي عن استقصاء باقي القرائن لإثبات صدوره ، إذ يكفي تحقق الوثوق بالصدور خصوصا مع ملاحظة قوة مضمونه ، فالحديث معتبر .
وأما دلالته فهي ظاهرة جدا في الوجوب لكونه عبر فيها عن الحب في الله بأنه أوثق عرى الإيمان وقدمه على الفرائض الوجبة المهمة جدا في الشرع ، ولا سيما الصلاة، التي ورد فيها ما ورد ما شدة أهميتها على سائر الفرائض .    

السيد حسين الحكيم


*ملاحظة " بحث استدلالي فقهي رمضاني في موضوع أخلاقي قد تكون فيه أحكام شرعية إلزامية فيها نصوص قرانية وحديثية كثيرة ولكنها لم تأخذ نصيبها المناسب من البحث الفقهي علما أن المدونات لا تمثل الرأي النهائي بل هي خلاصة للمسودة التي تطرح للمناقشة في الدرس"
أخترنا لك
فقه الحب والبغض (4) : المقدمة . النقطة الثالثة في عموم الأحكام لكل الامور الاختيارية . في كون الحب والبغض من الامور ال

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة