مصطلح التأريخ والسيرة في اللغة والاصطلاح
2020/02/23
#السيرة (١)
مصطلح التاريخ:
وردت لفظة "تاريخ" في كتب اللغة بمعنى الوقت، ففي الجمهرة لابن دريد:
ورَّختُ الكتاب وأرَّخته، ومتى أُرّخ كتابك ووُرِّخ أي متى کُتب، وفي
لسان العرب لابن منظور : التأريخ والتوريخ: تعريف الوقت، أرَّخ الكتاب
ليوم كذا: وقَّته، ويقال: أنّ اللفظة ليست عربية محضة وأنّ المسلمين
أخذوها من أهل الكتاب، وقيل إنها عربية، وحسب المحقق السيد سامي
البدري أنها أكدية وبابلية ووردت بصيغة (أَراخ) (arah)، (أرخا)
(Arha)، (أرخو) (Arhu) و(ورخو) (warhu) وتعني (القمر) (الهلال)
(الشهر) (أول الشهر)، وفي السبئية (ورخ) وكان العرب الجنوبيون إذا
أرادوا التاريخ قالوا (ورخ كذا...) أي شهر كذا، وفي العبرية (یاریحا)
تعني القمر و(يرح) تعني شهر، وفي السريانية كذلك.
ومن الجدير ذكره أن اللغة الأكدية أقدم من اللغة العبرية وهذه أقدم من
اللغة السريانية، بل أن العلاقات التاريخية والخصائص المشتركة بينها
تفرض القول أن السريانية متفرعة عن العبرية وهذه متفرعة عن
الأكدية.
استعملت كلمة تاريخ في العصر الإسلامي الأول بمعنى التقويم والتوقيت
على أساس القمر، ثم كسبت معنى آخر هو تسجيل الأحداث على أساس الزمن،
وكان يقوم مقامها في معنى هذه العملية التاريخية كلمة خبر وأخبار
وأخباري، ثم بدأت كلمة تاریخ تحل بالتدريج محل کلمة خبر وأخذت تطلق
على عملية التدوين التاريخي وعلى حفظ الأخبار بشكل متسلسل، متصل
الزمن، والموضوع للدلالة على هذا النوع الجديد من التطور في الخبر
والعملية الاخبارية وكان ذلك على ما يبدو منذ أواسط القرن الثاني
الهجري فما أطلَّ القرن الثالث حتى صارت كلمة التاريخ تطلق على العلم
بأحداث التاريخ وأخبار الرجال وعلى الكتب التي تحوي ذلك وحلت نهائياً
محل كلمة الخبر والاخباري.
السيرة لغةً:
في لسان العرب والمصباح المنير والمعجم الوسيط: السَّير: الذهاب، سار
يسير سيراً، والسَّيرة (بالفتح): الكثير السير، والسِّيرة (بالكسر):
السُّنّة والطريقة والحالة التي يكون عليها الإنسان، يقال : سار بهم
سِيرة حسنة، وجمعها سِيَر، وغلب اسم السِّير في ألسِنة الفقهاء على
المغازي.
السيرة اصطلاحاً:
في كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي: اسم من السير، نقلت الى الطريقة،
ثم غلبت في الشرع على طريقة المسلمين في التعامل مع الكافرين وأهل
الذمة، واختص بسِّير النبي (ص) في المغازي، وسميت المغازي سِّيراً لأن
أول امورها السَّير الى الغزو، وأن المقصود من قولنا (كتاب السِّيَر)
سير الإمام ومعاملاته مع الغزاة والأنصار والكفار.
ومهما يكن من أمر فإن السيرة هو ذلك الفرع من فروع التأريخ المعني
بحياة النبي الأكرم (ص).
وفي دائرة المعارف الإسلامية: (السّيرة: هي الترجمة المأثورة لحياة
النبي محمد (ص)، ويظهر أن الكلمة قد استُعملت أول ما استُعملت للدلالة
على باب قائم بذاته في عنوان مؤلَّف ابن هشام: (هذا كتاب سيرة رسول
الله)، وثمة شواهد أخرى على استعمالها بمعنى الترجمة لحياة النبي
(ص).
وقد وردت كلمة السّيرة في القرآن الكريم بمعنی: (الحالة التي يكون
عليها الإنسان وغيره، قوله تعالى: (سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا
الْأُولَىٰ) (طه ٢١).
وقد حاول الشهيد مرتضى المطهري المقارنة بين المعنى اللغوي للسيرة
وبين معناها الاصطلاحي ومعرفة مدى التطابق بينهما، وكما ذكرنا أن
السّير هو المشي والسّيرة هو طريقة المشي، حيث يقول:
(والمهم هو معرفة سلوك النبي وسيرته، إلا أن ما كتب في ذلك حتى الآن
لا يدور حول السّيرة، إن ما بين أيدينا من كتب السّيرة إن هي إلا كتب
السير لا السّيرة، إنها عن مسيرة النبي وسلوكه وطريقته الحياتية).
المصادر/
١- المدخل الى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، المحقق
السيد سامي البدري.
٢- دروس في السيرة النبوية ج١، الدكتور الشيخ عدنان فرحان آل
قاسم.
٣- محمد وعلي النبي والإمام، الشيخ مرتضى مطهري.