أزقة وبيوتات خلدها التاريخ

2020/05/19

محمد الطالب

بين الماضي العتيق وكريستال الحاضر العاكس لبريق الحرف القادم من بعيد ، عبق حكاية الازقّة والبيوتّات التي أحاطت بضَريح الإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام ، مدينةٌ عمّرت نفوس ساكنيها بالخلق والايمان ، وبُنيت بيوتها بالطِراز الإسلامي حتى تكاد ترى الاقواس والزخارف الهندسية تشكل لوحة معمارية رائعة عُلقِت على جدار الذاكرة والتاريخ الإسلامي .

كربلاء التي لازالت ومنذ عقود السنين تحتفظ بموروثها الحضاري وتراثها الشعبي  الذي أثرتّه النهضة الحُسينية منذ ان كان رحم الأرض عاقِراً ليُنجب له الفرات علقمياً ، ويسَّجى اهلها بسكينة  محيطين الأضرحة المقدسة .

لم تتخلى كربلاء يوماً عن شبابها منذ ان كُتِب لها ولادة جديدة في الثاني عشر من محرم عام 61 هـ حين جاء الامام علي ابن الحسين ( عليه السلام) ودفن رفاة جسد سيد الشهداء وشباب الجنة والده الامام الحسين وجسد عمه العباس ( عليهما السلام ) بعد يومين من استشهادهما بملحمة الصبر والإباء والإيثار ملحمة الرفض الخلود لتشهد كربلاء أول حجر أساس لعُمرانِها بيد إمام معصوم  .

كربلاء ورغم رياح الزمن والاقدار العاصفة في تاريخها بقيت ولازالت منارا تستنير به الحضارة والتاريخ , وقبلة كل عاشق حمل الانسان هويته  وقبض على دينه جمراَ بكف قلبه . اذ لم تغير حادثة النهب والعدوان التي قامت بها الحركة الوهابية في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من عام 1216 هـ وارتكبت مجزرة بحق اهلها بعد ان دخلوها شاهرين سيوفهم يذبحون كل من يلقونهم في طريقهم ولم يستثنوا منهم الشيوخ والنساء والاطفال . كذلك المجزرة التي ارتكبها العثمانيون في ليلة القدر عام 1324 هـ حين تعرضوا لـ70 من الوافدين لكربلاء من زائري ضريح الامام الحسين ( عليه السلام ) ، رغم كل ذلك استطاعت هذه المدينة المقدسة ان تكون بإرادتها السد المنيع بوجه كل من يحاول إضمار مجدها ، فلن تنطفئ شعلة أوقدها إمام اصطفاء الله كالحسين ( عليه السلام ) ولن يخفت نوراً مصدره تلك القباب المذهّبة بكربلاء . وها هي اليوم تواجه اشرس الهجمات والتحديات عابرة أثير الزمان بزهوها مخلّدةً الاقاصيص والمواقف البطولية وعلى جميع الاصعدة الميدانية والاعلامية . وما لهذه المدينة من قدسيّة دينية تجولنا في أزقة التاريخ وطيّات ذاكرة الادباء والمؤرخين لنرتشف المظاهر الاجتماعية المعبّرة عن الخلق الرفيع والجود باسماه من لحظة مخاض السنة بشهرها الفضيل - شهر رمضان المبارك - مروراً بولادته وتوديعه.

fff

أخترنا لك
الأزمة النيابية العراقية تلمح لإعادة الحظر الشامل

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف