وكشفت تصريحات السوداني، قبل أيام، النقاب عن بعض ملامح المرحلة المقبلة بعد ستة أشهر من تشكيل الحكومة التي يتم تقييم آداء أعضائها ومدى النجاح الذي تحقق خلال الفترة الماضية.
ويرى مراقبون أن تصريحات السوداني قد تمثل خطوة جيدة من الناحية النظرية، نظرا لأن هناك الكثير من العقبات التي تقف في طريق طموحاته حتى ممن قاموا بترشيحه لتولي المنصب، علاوة على الكتل السياسية في البرلمان وإن كانت حدتها أقل نظرا لأن الموافقة على التعديلات تتطلب النصف زائد واحد فقط مقارنة بالثلثين عند التكليف.
ولا يقتصر الأمر على ذلك بل إن هناك من يترقب مثل التيار الصدري وأحزاب وقوى عراقية أخرى تتطلع إلى أن ينفذ رئيس الوزراء ما تم الاتفاق عليه وقت الترشح.
تساؤلات حول أهداف التعديل الوزاري في العراق
يقول خالد النعيمي، الكاتب والباحث العراقي في الشأن السياسي والأمني، إن ما يجري الحديث عنه من نية رئيس الحكومة بإجراء التعديل الوزاري في العراق يتطلب الإجابة عن سؤال حول أهمية التعديل وهل هو لتحسين الأداء أم المناكفة السياسية.
وأضاف، أن ما يتردد هذه الأيام عن وجود نية أو رغبة لدى رئيس الوزراء العراقي لإجراء تعديل وزاري في حكومته، يطرح تساؤلات حول حقيقة تلك التصريحات.
مضيفا “هل هناك حاجة ضرورية وملحة للتغيير بهدف الارتقاء بالأداء الحكومي وفق البرنامج الذي قدمه للبرلمان عند تكليفه بمهام رئاسة الحكومة، بناء على ترشيحه من قبل الإطار التنسيقي، أم أن الأمر لا يخلو من المناكفات السياسية التي طالما تجيدها أطراف العملية السياسية الجارية في العراق”.
وتابع النعيمي، “ما يثير الاهتمام في هذا الأمر هو ظهور تصريحات عن وجود خلافات داخل الإطار التنسيقي، وأن النجاحات التي تحققت سواء فيما يتعلق بالخدمات والطرق والتعيينات واستيعاب أعداد كبيرة من الخريجين في الوزارات ودوائر الدولة وكذلك تجاوز أزمة الدولار، واستعادة سعر صرف الدينار العراقي بشكل معقول ومتوازن، بدأت تثير قلق بعض أطراف الإطار وخشيتهم أن يصبح السوداني رقما مهما ومنافسا لهم في الانتخابات القادمة، خاصة من طرف نوري المالكي زعيم حزب الدعوة الذي قام بترشيح السوداني وكان يريد أن يبقى الأخير موظفا تابعا له، وليس رئيس حكومة تمثل كل الأطياف والمكونات العراقية”.
إرادة مستقلة أم خضوع للضغوط ؟
واعتبر الباحث السياسي أن تصريحات شياع السوداني على إحدى الفضائيات قبل أيام عبرت عن “إرادة مستقلة”.
مضيفا ان ذلك بين ايضا ان “المعايير التي يعتمدها في إبقاء أو تغيير الوزراء أو من هم بدرجاتهم وحتى المدراء العاميين، تعتمد على الكفاءة أولا وكذلك النزاهة والقدرة على إدارة مؤسساتهم بشكل جيد وكفؤ، وأنه لن يستشير الجهة الحزبية التي قامت بترشيحهم وإنما سيعرض الأمر على البرلمان فقط للحصول على الموافقة على ذلك”.
واستطرد: “في كل الأحوال ستكون الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن الأسباب الحقيقية وراء ما يجري من مناكفات سواء داخل الإطار التنسيقي أو مع الأطراف الأخرى وهم السنة والأكراد، خاصة مع محاولة الإطار التنسيقي التنصل عن ورقة الاتفاق السياسي عند تشكيل الحكومة والمتمثلة في إقرار قانون العفو العام، عودة المهجرين والنازحين، وقانون النفط والغاز، كل هذه العوامل وأمور أخرى يمكن أن تفجر المشهد العراقي من جديد”.
وأضاف النعيمي، “خاصة مع تجدد التظاهرات والاعتصامات لشرائح مختلفة من المواطنين، ولكن الخطر الأكبر هو ما يخبئ له مقتدى الصدر وتياره، حيث اكتفى بالصمت والمراقبة طوال الأشهر الماضية بعد انسحابه من البرلمان وقيام جماعة الإطار بتمرير قانون انتخابات من خلال البرلمان مفصل على مقاسهم، وهذا لا يمكن أن يقبله مقتدى الصدر إطلاقا”.
أزمة محتملة
من جانبه يقول نوري حمدان، المحلل السياسي العراقي، أن الدستور العراقي منح الحق لرئيس الوزراء بإجراء تعديلات حكومية على التشكيلة الوزارية، لكن تنفيذ هذا الحق مشروط بأن تحظى التعديلات بتصويت أغلبية النصف زائد واحد في جلسة مخصصة داخل البرلمان.
وأضاف ان “هذا يعني أن رئيس الوزراء يعود إلى سيطرة الكتل السياسية ونفوذها مجددا، لكن أغلبية النصف ليست كما هي أغلبية الثلثين، بالتالي ستظهر عملية التعديل الحكومية خارطة جديدة للتحالفات خصوصا وأن تحالف إدارة الدولة الذي شكل الحكومة، لم يحقق 30 % من اتفاقاته التي على أساسها شكلت حكومة السوداني قبل 6 أشهر”.
وأوضح حمدان، أنه “في السياسة لا تتخذ القرارات والاتفاقيات بحسن النوايا، وهنا أريد أن أشير إلى أن السوداني وفق الاتفاق السياسي في تشكيل تحالف إدارة الدولة، ملزم بتنفيذ العفو العام وحل هيئة المساءلة والعدالة وقانون النفط والغاز والمادة 140، وهذا ما يضعنا أمام احتمالات مفتوحة لأزمة سياسية جديدة”.
وعود السوداني
من جهته يرى محمد حسن الساعدي، الباحث السياسي والأمني العراقي، أن هناك معلومات من داخل أروقة القوى السياسية المنضوية في داخل ائتلاف إدارة الدولة، أشارت إلى أن السوداني مقبل على تغيرات مهمة في عدد من الوزارات.
وان ذلك على خلفية فشل الوزراء في إدارة هذه الوزارات، وتحديدا بعد مرور أكثر من 6 أشهر وخصوصا بعد التعهدات التي أطلقها قبيل تشكيل حكومته.
وأضاف، “عند تكليف السوداني بتشكيل الحكومة قبل 6 أشهر سعى لأن تكون حكومة المكونات وليست حكومة تكنوقراط، ما يعني، أنه اعتمد على القوة السياسية في تشكيل هذه الحكومة وليس على أساس أنها حكومة المستقلين”.
وتابع، “والآن بعد مرور ستة أشهر عُقدت عدد من الاجتماعات المركزة لتقييم عمل الوزراء في حكومة السوداني وهو بانتظار النتائج النهائية وإعلان الأسماء المقصرة أو التي فشلت في إدارة الملفات المنوطة بها”.
التحدي والإرادة
وأشار الساعدي إلى أن رئيس الوزراء أمام مرحلة مهمة جدا تتمثل في إبراز التحدي والإرادة أمام أي ضغوط سياسية تمارسها القوى السياسية المنضوية داخل إدارة الدولة.
مضيفا “وبالتالي هو يسعى جاهدا أن يجعل حكومته نموذج حقيقي في كيفية إدارة الدولة من جانب، وكذلك محكوم من قبل القوى السياسية وأن تخضع هذه الوزارات إلى التقييم المستمر من قبله، كما أنه يسعى أيضا من خلال تشكيل هذه الوزارة، أن تكون حكومة حزبية وسياسية لأن الجميع عليه أن يتحمل مسؤولية النجاح والفشل”.
ولفت إلى أنه معنى ذلك أن “الوزير الناجح سوف ينعكس نجاحه على نجاح الحكومة من جانب ونجاح الكتلة السياسية التي رشحته لهذا المنصب، والجانب الآخر هو أن الحكومة في المجمل إذا فشلت فشل هذا الوزير أيضا لأنه جزء منها، فتتحمل كتلته التي رشحته لهذا المنصب نصيبها من هذا الفشل”.
واضاف “لذلك أعتقد أن خطوات السوداني في عملية التقييم جيدة ومهمة ومركزه، وهو يعمل بدعم من كبير من قبل أئتلاف إدارة الدولة، ويسير بخطى جيدة نحو تنفيذ برنامجه الذي تعهد به للقوى السياسية أجمع”.
وكان رئيس الوزراء العراقي أكد خلال مقابلة تلفزيونية قبل أيام إصراره على المضي بإجراء التعديل الوزاري في العراق، وقال “مصممون على إجراء تعديل وزاري و سنختار الوقت المناسب، ولن أتنازل عن صلاحياتي الدستورية في إجراء التغيير الوزاري”.
المصدر: سبوتنيك