١- إنّ الحديث عن بنت الرسالة الاسلامية فاطمة الزهراء (عليها السلام ) ، حديث مترامي الاطراف فهي بنت منْ، حليل منْ ، ام منْ ، فلكي نستطيع الوقوف على جنبةٍ من جنبات حياتها القصيرة السنين الغزيرة العطاء ، نقّصر النظر على ماورد عن المعصومين (عليهم السلام ) ، لان المعصوم لايمكن ان يعرفه الا المعصوم ، فلأول وهلة عندما تسمع اسم فاطمة يتبادر الى ذهنك العفاف، والوقار ، والرزانة ، وحسن التبعل ، والصدق ، والامومة الحقيقية ، والبنت البارة بابيها ، والزوجة الصابرة المتصبرة لزوجها ، والمرأة الرسالية ، وما شأت فعدد من صفات الكمال والاخلاق .
ومن جهة اخرى يتبادر اليك ايضا ، المرأة الممتحنة المبتلاة ، المهظومة ، المقهورة ، المستلب حقها ، المكسورة الجنب والضلع ، الشهيدة اللاحقة بأبيها .
٢- فاطمة (عليها السلام ) سر الرسالة ، هي حجة الحجج وسيدتهم ، وكما ورد ذلك في الحديث المأثور عن الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام )" نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة حجة الله علينا "
وهو ليس في مقام المدح وانما في مقام بيان الحقيقة الفاطمية ، ففاطمة فوق المدح.
٣- ولنتعرف سويةً على معنى السر المستودع فيها (عليها السلام ) ، ولو على مستوى الاحتمال وليس القطع نورد بعض الاحتمالات الهامة في هذا المجال .

الاول ان السر المستودع هو العلوم الربانية المودعة في فاطمة (عليه السلام)، وهذا ما نستطيع فهمه من خلال الأحاديث المروية في شأنها( سلام الله عليها) حيث كانت المحدثة من قبل الملائكة وكان لها مصحف يتوارثه الأئمة واحدا بعد واحد وفيه كل ما يحتاجونه من الذي يجري على البشر وفيه أسماء الحكام الذين يحكمون وحكموا من زمن آدم إلى آخر يوم من الدنيا، وعليه نحتمل أن يكون المصحف هو السر المودع في فاطمة وهذا فيه من الأمور التي لم يطلع عليها سوى أبناء الزهراء الأئمة المعصومين الذين يتوارثون هذا المصحف وينظرون فيه وهو من إملاء رسول الله (صلى عليه وآله )وربما من إملاء الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) .
وهذا ما أشارت إليه جملة من الروايات الواردة في المقام ومنها:
* " ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول عندي الجفر الأبيض قال قلنا وأي شئ فيه، قال: فقال لي زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم والحلال والحرام ومصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآنا وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى أن فيه الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة... ) يعني ديات الاعضاء واجزاء الجسم .
وأيضا ما رواه أبي بصير بالسند المتصل قال دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له إني أسئلك جعلت فداك عن مسألة ليس هاهنا أحد يسمع كلامي فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) سترا...، " وساق الحديث "... حتى أجابه الإمام قائلا: " وأن عندنا لمصحف فاطمة (عليها السلام) وما يدريهم ما مصحف فاطمة قال مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد إنما هو شئ أملاها الله وأوحى إليها قال قلت هذا والله هو العلم إنه لعلم وليس بذاك قال ثم سكت ساعة ثم قال: إن عندنا لعلم ما كان وما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال قلت جعلت فداك هذا والله هو العلم قال إنه العلم وما هو بذاك، قال قلت جعلت فداك، فأي شئ هو العلم، قال ما يحدث بالليل والنهار الأمر بعد الأمر والشئ بعد الشئ إلى يوم القيامة (١)

الثاني :-السر المستودع هو أمرهم كما في بصائر الدرجات عن الصادق (عليه السلام): " إن أمرنا سر مستتر وسر لا يفيده إلا سر وسر على سر وسر مقنع بسر ".
وعنه (عليه السلام) أيضا: " إن أمرنا هذا مستور مقنع بالميثاق من هتكه أذله الله.

الثالث :- وقد يكون السر المستودع إشارة إلى أن ولاية الله تعالى سوف تكون في ولد فاطمة وأن الأئمة المعصومين منها سلام الله عليها، وقد وردت عدة شواهد روائية تدل على أن الأئمة من ولد فاطمة (عليها السلام) وأن الولاية فيهم والإمامة منحصرة في وجودهم المبارك وهذا ما أثبته القرآن الكريم والسنة الشريفة .
وهناك احتمالات عدة ، هذا هو السر المستودع في فاطمة (صلوات الله عليها )
ومع ذلك تجاسر عليها القوم ، وقتلوها مقهورة مظلومة شهيدة شاهدة ، شاكية واجمة .
فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حية.
عائد الغانمي